وايمان غيبي متوهج وهذه الالتفاتة في اختيار السيد القزويني لهذا المقطع المأساوي وايفاؤه لمتطلباته في لغة هي للتراث أقرب منها للحداثة ينم عن ذوق وحس شفافين نراهما - أيضا - في قصيدته الأخرى (حديث الليل) والتي أفاضت على كل أحداث الليلة بتوثيقها وتسجيلها وحفظها بلغة سلسلة رشيقة ساوقها الإيقاع المرهف والمتقافز لبحر الرمل الذي جاء به السيد القزويني بخمس تفعيلات خارجا عن مألوف عمودية البح بصدر بيته المساوي لعجزه في عدد التفعيلات فأصبحت القصيدة من نظام الأشطر المتساوية في عدد تفعيلاتها وليست من نظام الصدر والعجز التقليدي وهو خروج يشعر القارئ المتمرس بشئ من المغايرة فيشده للانتباه إلى خصوصية البناء وفرادته وهذه الحال - بلا أدنى شك - قصدها السيد القزويني إثارة محسوبة على التجريب الواعي في عملية النظم وكسرا ملحوظا للرتابة والتكرارية.
(٣٥٢)