على المدينة " أن يأخذ البيعة من الحسين وإن أبى أن يضرب عنقه " (1) أو أن يأخذه أخذا شديدا ليست فيه رحمة حتى يبايع (2)، فيزيد ابن معاوية يسوم الإمام الحسين عمدا وبغضا، ويعامله معاملة السوقة ويتصرف بالمغصوب تصرف المالك، ويريد من صاحب الحق أن ينسى حقه، وأن يبارك للغاصب ما غصب!! يريد من ابن النبي وأهل بيت الطهارة أن يصفقوا للماجن على مجونه، وللخليع على خلاعته، وللفاسق على فسقه!!! وإن لم يفعلوا ذلك، فلا داعي لأن يسمع الخليفة كلامهم، فيزيد أقل وأذل من أن يرتقي إلى مستوى فرعون مصر، ليعطي الإمام الحسين وأهل بيته من الفرص والأمان ما أعطاه فرعون لموسى، فالطاغية لا يجيد ولا يعرف أصلا لغة الحوار بالدين والمنطق. إنه وجنوده يعرفون ويجيدون لغة المخالب والأنياب، والإرهاب والبطش والقسوة، فلو ظفر وجنوده بالإمام الحسين وأهل بيت النبوة لقطعوهم إربا إربا وبمنتهى الوحشية والهمجية، ولما سمع بمقالتهم وحجتهم أحد، ولأشاعت وسائل إعلام دولة الخلافة أن الإمام وأهل بيت النبوة قد انتحروا، أو أكلوا طعاما مسموما فماتوا، وليس من المستبعد أن يتظاهر الأمويون بالحزن على الإمام الحسين وأهل بيته وأن يتظاهروا بالبراءة ويلبسون القفازات البيض وأيديهم ملطخة بدماء الجريمة، وكل هذا يفرض على الإمام الحسين وأهل بيت النبوة أن يخرجوا في جنح من الليل، وأن لا يمكنوا جيش الطاغية من القاء القبض عليهم.
طبيعة رحلة الشهادة:
عندما امتنع الإمام الحسين عن بيعة يزيد بن معاوية، كان موقنا أن المواجهة قد بدأت بينه وبين يزيد، تماما كما بدأت المواجهة بين موسى وفرعون مصر، وعندما خرج الإمام الحسين من المدينة المنورة كان لديه الإحساس العميق بأنه يفر من يزيد وجنوده تماما كما فر موسى من فرعون مصر وجنوده، كان الإمام