كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢١٤
مع يزيد وجنوده في حوار بلغة الدين والمنطق، ويقنعهم أنه الأولى بسلطان النبي وميراثه، والأحق، وأنه الإمام الشرعي المؤهل إلهيا لهذا المنصب، وأنه الأولى بمبايعتهم لهم، وأن يزيد الذي يصر على أخذ البيعة من الإمام الحسين أو أن يضرب عنقه ليس مؤهلا للخلافة والقيادة لا في سلوكه، ولا في سيرته، ولا في علمه، ولا في تاريخ أبيه وجده الدموي المتميز بعداوة صارخة لله ولرسوله، فصدور يزيد وجنوده أضيق من أن تتسع بذلك، وأسماعهم أضعف من أن تطيق سماع ذلك، لقد اتسع فرعون مصر على جبروته بموسى وهارون، وأتاح لهما الفرصة ليدليا بما عندهما، وسمع منهما حجتهما كاملة، بل وأتاح لهما الفرصة ليثبتا صحة هذه الحجة على مرأى ومسمع من الشعب المصري كله، وكان موسى آمنا خلال فترة طرحه لما جاء به، ولم يتعرض له فرعون بسوء!! وعندما التقى موسى بالسحرة على مشهد من الناس، ليثبت صحة ما جاء به، كان موسى آمنا، لم يتعرض له فرعون ولا جنوده بالسوء، وعندما نجح موسى بهزيمة السحرة أمام الناس لم يتعرض له، ولم يقتله بل اتهمه والسحرة بالمكر وتركهم أحياء، وتركهم طلقاء!!.
ليت فرعون - يزيد - المسلمين قد تخلق بأخلاق فرعون مصر، وأتاح للإمام الحسين ما أتاحه فرعون مصر لموسى!! ليته منح الإمام الحسين الفرصة والحرية التي منحها فرعون مصر لموسى!!!.
ليته سمع حجة الإمام الحسين كاملة، وأتاح له الفرصة ليثبت صحة ما جاء به، وما عنده، وأعطاه الحرية والأمن إلى حين على الأقل لما كان هنالك داع للخروج، ولما كانت هنالك ضرورة لنثر شمل أهل بيت النبوة، وتشتيتهم في البلاد، ومطاردتهم بهذه الهمجية والوحشية التي لم يعرف لها التاريخ مثيلا!!!.
إن فرعون مصر لم يطلب من موسى أن يبايعه، ولم يطلب منه أن يعترف بشرعية حكمه، لأنه يدرك بأن طلبه غير معقول وغير منطقي. إن فرعون مصر لم يخير موسى بين الاعتراف بشرعية حكمه أو بالموت كما فعل يزيد عندما أمر واليه
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327