مع يزيد وجنوده في حوار بلغة الدين والمنطق، ويقنعهم أنه الأولى بسلطان النبي وميراثه، والأحق، وأنه الإمام الشرعي المؤهل إلهيا لهذا المنصب، وأنه الأولى بمبايعتهم لهم، وأن يزيد الذي يصر على أخذ البيعة من الإمام الحسين أو أن يضرب عنقه ليس مؤهلا للخلافة والقيادة لا في سلوكه، ولا في سيرته، ولا في علمه، ولا في تاريخ أبيه وجده الدموي المتميز بعداوة صارخة لله ولرسوله، فصدور يزيد وجنوده أضيق من أن تتسع بذلك، وأسماعهم أضعف من أن تطيق سماع ذلك، لقد اتسع فرعون مصر على جبروته بموسى وهارون، وأتاح لهما الفرصة ليدليا بما عندهما، وسمع منهما حجتهما كاملة، بل وأتاح لهما الفرصة ليثبتا صحة هذه الحجة على مرأى ومسمع من الشعب المصري كله، وكان موسى آمنا خلال فترة طرحه لما جاء به، ولم يتعرض له فرعون بسوء!! وعندما التقى موسى بالسحرة على مشهد من الناس، ليثبت صحة ما جاء به، كان موسى آمنا، لم يتعرض له فرعون ولا جنوده بالسوء، وعندما نجح موسى بهزيمة السحرة أمام الناس لم يتعرض له، ولم يقتله بل اتهمه والسحرة بالمكر وتركهم أحياء، وتركهم طلقاء!!.
ليت فرعون - يزيد - المسلمين قد تخلق بأخلاق فرعون مصر، وأتاح للإمام الحسين ما أتاحه فرعون مصر لموسى!! ليته منح الإمام الحسين الفرصة والحرية التي منحها فرعون مصر لموسى!!!.
ليته سمع حجة الإمام الحسين كاملة، وأتاح له الفرصة ليثبت صحة ما جاء به، وما عنده، وأعطاه الحرية والأمن إلى حين على الأقل لما كان هنالك داع للخروج، ولما كانت هنالك ضرورة لنثر شمل أهل بيت النبوة، وتشتيتهم في البلاد، ومطاردتهم بهذه الهمجية والوحشية التي لم يعرف لها التاريخ مثيلا!!!.
إن فرعون مصر لم يطلب من موسى أن يبايعه، ولم يطلب منه أن يعترف بشرعية حكمه، لأنه يدرك بأن طلبه غير معقول وغير منطقي. إن فرعون مصر لم يخير موسى بين الاعتراف بشرعية حكمه أو بالموت كما فعل يزيد عندما أمر واليه