مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ٤٧
وتنافست القبائل في العمل، وشارك (محمد) فيه فكان ينقل الحجارة مع الناقلين، حتى إذا تم البناء، اختلفت أحياء قريش، فيمن يكون له شرف رفع الحجر الأسود إلى موضعه، ومكثت على الخصومة أربع ليال أو خمسا، ونذر الخطر تشتد منذرة بحرب، لولا أن اقترح عليهم (أبو أمية بن المغيرة المخزومي) - وهو يومئذ أسن قريش، أن يحكموا بينهم أول من يدخل من باب المسجد الحرام.
فقبلوا، وتعلقت عيونهم بالباب، فكان محمد بن عبد الله أول من دخل.
هتفوا جميعا حين رأوه:
(هذا الأمين، هذا محمد بن عبد الله الهاشمي، رضينا بحكمه).
وحدثوه عما اشتجر بينهم من خلاف، فطلب ثوبا ثم تناول الحجر الأسود فوضعه بيده في الثوب وقال:
(لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب، ثم ارفعوه جميعا).
ولما بلغوا موضع الحجر، وضعه محمد بيده، نقلا من الثوب.
ثم آب إلى بيته، فكان أول ما استقبله هناك، بشرى مولد ابنته فاطمة، فاقترن مولدها بنجاة قريش، على يد الأمين، مما كان يخشى عليها من صدام وحرب (1).
بعد ذلك المشهد في البيت العتيق، يرهف التاريخ سمعه مستوعبا

(١) ابن هشام: السيرة النبوية ١ / 209).
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 51 52 53 ... » »»
الفهرست