مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ٤٥
ليحتمل مشقة الرحلة، وفي يثرب تعرف إلى أخواله بني النجار وانطلق مع لداته من صبيتهم في دروب المدينة التي ستكون دار هجرته. وأمضت أمه أيامها على قبر الحبيب، تبث طيفه أشجانها ومواجدها ونجواها، وتتزود من ثراه لفراق قد يطول.
وفى طريق العودة إلى مكة، ألمت بها وعكة طارئة لم تطل: انطفأت فيها الحياة بين يدي صغيرها اليتيم، وعلى مرأى منه أضجعوها في قبر حفروه لها بقرية (الأبواء) وهالوا عليها الرمال.
واستأنف سيره، مع بركة، إلى مكة محزونا مضاعف اليتم، ليروع بعد قليل بموت جده عبد المطلب الذي كان له أبا. وينتقل إلى دار عمه (أبي طالب) فيجد فيه العوض عن جده وأبيه، ولا عوض عن الام!
وتمضي الأعوام وقلبه ينزع نحو مرقدها الأخير بالأبواء، ولم يستطع ضجيج الحياة في أم القرى أن ينسيه مشهد موتها الفاجع، أو يبعد عن مسمعه حشرجة احتضارها في جوف الفلاة.
ويبلغ مع عمه مبلغ السعي، فيصحبه معه في رحلة قريش إلى الشام، ثم يقترح عليه بعدها أن يخرج إلى الشام في مال (السيدة خديجة بنت خويلد) فتبدأ مرحلة جديدة من حياة الشاب الهاشمي، تملأ أعوامه ما بين الخامسة والعشرين، والأربعين، بنعمة الزوجية السعيدة الهانئة، وتقر عيناه بثمرتها المباركة: زينب ورقية وأم كلثوم، وفاطمة، والقاسم وعبد الله.
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 51 ... » »»
الفهرست