مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ٢٥٠
وأخرج من ثيابه صرة وضعها بين يدي الرسول، ففتحها صلى الله عليه وسلم فإذا فيها قلادة لم يكد يراها حتى رق لها رقة شديدة، وخفق قلبه للذكرى: لقد كانت قلادة (خديجة) أهدتها ابنتها (زينب) يوم عرسها، حين زفت إلى (أبي العاص بن الربيع) ابن خالتها هالة بنت خويلد.
وأطرق أصحاب المصطفى خشعا وقد أخذوا بجلال الموقف! قلادة الحبيبة، تبعثها بنت النبي إلى أبيها في فداء زوج حبيب!
وتكلم النبي الأب بعد فترة صمت فقال:
(إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها مالها، فافعلوا).
أجابوا جميعا:
- نعم يا رسول الله.
وأدنى المصطفى إليه صهره الذي غلبه التأثر لهيبة الموقف، فأسر إليه حديثا، فحنى أبو العاص رأسه موافقا، ثم حيا ومضى. فلما أبعد التفت المصطفى إلى أصحابه من حوله، فأثنى على أبي العاص وقال:
(والله ما ذممناه صهرا) (1).
وعاد (أبو العاص) إلى مكة ليجهز زوجه الحبيبة كي تلحق بأبيها المصطفى، وفاء بوعد قطعه على نفسه، يوم ودع أباها عليه الصلاة والسلام بالمدينة، بعد بدر.

(1) السيرة لابن هشام 2 / 308.
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست