المرأة مع النبي (ص) في حياته وشريعته - الشهيدة بنت الهدى - الصفحة ٢٦
أتراه قد أهمل ذكرهن أو تجاهل وجودهن في حياته الماضية؟
كلا، فإن محمدا بن عبد الله لم يكن من النمط الذي ينسى من أحبوه، أو يتجاهل ذكر من لم يتجاهلوه.
وما أكثر ما كان يسرح مع أفكاره في ساعات عزلته، ويرجع بها إلى الوراء إلى أيام حداثته، وصباه الأول، من عهد أمه آمنة إلى مرضعته حليمة، إلى زوجة عمه الكريمة فاطمة بنت أسد، ويقف معهن عند كل لمحة حب، أو لفتة عطف، ويدعو لهن بالرحمة والغفران. وكان يرى حياته الماضية، وكأنها شريط يتتابع ويتلاحق أمام عينيه بكل ما يحمل هذا الشريط من إكرام وآمال ومحن، ومصاعب.
ثم يعود ليستقر بأفكاره عند واقعه الحالي، ويركز على خديجة هذه السيدة الطاهرة التي يحس بها كقوة خفية تشد ظهره، وتسند كيانه، وكأنه كان يعلم أنها سوف تقف معه، إذ لا واقف غيرها، وتصدقه حين لا مصدق سواها. وتمضي السنون تتلاحق، والأحداث تتابع ومحمد بن عبد الله هو وخديجة بنت خويلد يشقان
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»