التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٢٠٠
المجتمع. كما أن هذا المستقبل مشروط بالصبر على الأذى في جنب الله، والصدق في تناول الحياة والتعامل معها ومع المجتمع والرضا بقضاء الله تعالى.
والسنة حافلة بالنصوص التي تغرس في قلب الإنسان روح الأمل، وتملأ وعيه ببشائر المستقبل الأفضل، استنادا إلى وعد الله تعالى.
* والتأمل العميق الواعي في نصوص الكتاب الكريم والسنة الشريفة التي تفصح عن العلاقة بين الله والإنسان، وتكشف عن طبيعة هذه العلاقة... كذلك التأمل في الفقه المبني على هذين الأصلين... إن هذا التأمل يكشف عن أن العلاقة بين الله والناس مبنية على ثلاث حقائق ربانية يقوم عليها وجود المجتمع البشري، وديمومته، ونموه وتقدمه:
1 - الحقيقة الأولى هي الإنعام المطلق غير المشروط بشئ على صعيد الشروط المادية للحياة بما يكفل لها الديمومة والنمو التصاعدي نحو الأفضل، فقد خلق الله الإنسان، وزوده بالمواهب العقلية والنفسية والروحية، التي تتيح له أن يتعامل مع الطبيعة المسخرة له، وتمكنه من اكتشاف خيراتها وكنوزها، ومعرفة قوانينها وتوجيه هذه الاكتشافات والمعارف لخدمة نفسه ونوعه.
2 - الحقيقة الثانية هي الرحمة التي كتبها الله على نفسه (1) والتي وسعت كل شئ (2)، وإقالة العثرات - على صعيد الأمم والجماعات والمجتمعات، والأفراد -، والتجاوز عن الخطايا والسيئات، ومنع الفرص المتجددة لتصحيح السلوك، وتقويم

(1) قال تعالى: قل لمن ما في السماوات والأرض؟ قل لله، كتب على نفسه الرحمة سورة الأنعام (مكية - 6) الآية 12 وقال تعالى:
وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة، أنه من عمل منكم سوءا بجهالة، ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم سورة الأنعام (مكية - 6) الآية: 54.
(2) قال تعالى... ذو رحمة واسعة، ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين سورة الأنعام (مكية - 6) الآية: 147. وقال تعالى: قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ، فسأكتبها للذين يتقون، ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون سورة الأعراف (مكية - 7) الآية: 156. وقال تعالى ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما، فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم سورة المؤمن (مكية - 40) الآية: 7.
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 194 195 197 198 199 200 201 202 203 204 205 » »»