التاريخ وحركة التقدم البشري ونظرة الإسلام - الشيخ محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ١٩٩
وقال تعالى:
ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون (1).
وقال تعالى:
إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين (2).
وقد وجه الله تعالى في القرآن الكريم رسوله محمدا (ص) والمسلمين إلى أن الأمل بالنصر والحياة الأفضل يجب أن يبقى حيا نابضا دافعا إلى العمل حتى في أحلك ساعات الخذلان والهزيمة وانعدام الناصر... لقد كانت الآمال بالنصر تتحقق في النهاية على أروع صورها حين يخالج اليأس قلوب أهل الإيمان، وحين يصل الرسل الكرام إلى حافة اليأس:
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم. ولدار الآخرة خير للذين اتقوا، أفلا تعقلون. حتى إذا استيئس الرسل، وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا، فنجي من نشاء، ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين. لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب، ما كان حديثا يفترى، ولكن تصديق الذي بين يديه. وتفصيل كل شئ، وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (3).
* إن الأمل الجماعي بمستقبل أكثر إشراقا وأقل عذابا، أو مستقبل مترع بالفرح خال من المنغصات... إن هذا الأمل يستند إلى وعد إلهي، فهو، إذن، ليس مغامرة في المستقبل، وإنما هو سير نحو المستقبل على بصيرة.
وهو أمل يرفض الواقع التجريبي الحافل بالمعوقات نحو مستقبل مثالي مشروط بالعمل المخلص في سبيل الله، وفي سبيل الله بناء الحياة، وعمارة الأرض، وإصلاح

(1) سورة الأنبياء (مكية - 21) الآية: 105.
(2) سورة الأعراف (مكية - 7) الآية: 128.
(3) سورة يوسف (مكية - 12) الآيات: 109 - 111.
(١٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 197 198 199 200 201 202 203 204 ... » »»