بالحجارة. وبعث يوسف بن عمر الريان بن سلمة في خيل إلى دار الرزق فقاتلوا زيدا قتالا شديدا وجرح من أهل الشام جرحى كثيرة وشلهم أصحاب زيد من دار الرزق حتى انتهوا إلى المسجد الأعظم فرجع أهل الشام مساء يوم الأربعاء وهم أسوأ شئ ظنا فلما كان غداة يوم الخميس دعا يوسف بن عمر الريان بن سلمة فأفف به وقال له أف لك من صاحب خيل ودعا العباس بن سعد المري المرادي صاحب شرطته فبعثه إلى أهل الشام فسار بهم حتى انتهوا إلى زيد في دار الرزق وخرج إليه زيد وعلى مجنبته نصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق فلما رآهم العباس نادى يا أهل الشام الأرض فنزل ناس كثير واقتتلوا قتالا شديدا وكان رجل من أهل الشام اسمه نائل بن مرة العبسي قال ليوسف والله لئن ملأت عيني من نصر بن خزيمة لأقتلنه أو ليقتلني فأعطاه يوسف سيفا لا يمر بشئ الا قطعه فلما التقى أصحاب العباس وأصحاب زيد ضرب نائل نصرا فقطع فخذه وضربه نصر فقتله ومات نصر ثم إن زيدا هزمهم وانصرفوا بأسوأ حال فلما كان العشاء عبأهم يوسف ثم سرحهم نحو زيد فحمل عليهم زيد فكشفهم ثم اتبعهم حتى أخرجهم إلى السبخة ثم شد عليهم حتى أخرجهم من بني سليم ثم ظهر له زيد فيما بين بارق وبني دوس فقاتلهم قتالا شديدا وصاحب لوائه رجل من بني سعد بن بكر يقال له عبد الصمد قال سعيد بن خثيم وكنا مع زيد في خمسمائة وأهل الشام اثنا عشر ألفا وكان بايع زيدا أكثر من اثني عشر ألفا فغدروا به إذ فصل رجل من أهل الشام من كلب على فرس له رائع فلم يزل شتما لفاطمة بنت رسول الله ص فجعل زيد يبكي حتى ابتلت لحيته وجعل يقول أما أحد يغضب لفاطمة بنت رسول الله أما أحد يغضب لرسول الله ص أما أحد يغضب لله ثم تحول الشامي عن فرسه فركب بغلة وكان الناس فرقتين نظارة ومقاتلة قال سعيد فجئت إلى مولى لي فأخذت منه مشملا كان معه ثم استترت من خلف النظارة حتى إذا صرت من ورائه ضربت عنقه وانا متمكن منه بالمشمل فوقع رأسه بين يدي بغلته ثم رميت جيفته عن السرج وشد أصحابه علي حتى كادوا يرهقوني وكبر أصحاب زيد وحملوا عليهم واستنقذوني فركبت واتيت زيدا فجعل يقبل بين عيني ويقول أدركت والله ثارنا أدركت والله شرف الدنيا والآخرة وذخرهما ونفلني البغلة. وجعلت خيل أهل الشام لا تثبت لخيل زيد فبعث العباس بن سعد إلى يوسف بن عمر يعلمه ما يلقى من الزيدية وسأله ان يبعث إليه الناشبة فبعث إليه سليمان بن كيسان في القيقانية وهم بخارية وكانوا رماة فجعلوا يرمون أصحاب زيد وقاتل معاوية بن إسحاق الأنصاري يومئذ قتالا شديدا فقتل بين يدي زيد وثبت زيد في أصحابه حتى إذا كان عند جنح الليل رمي زيد بسهم فأصاب جانب جبهته اليسرى فنزل السهم في الدماغ فرجع ورجع أصحابه ولا يظن أهل الشام انهم رجعوا الا للمساء والليل فدخل دارا من دور أرحب وشاكر وجاءوا بطبيب يقال له سفيان مولى لبني دوس فقال له ان نزعته من رأسك مت قال الموت أيسر علي مما انا فيه فاخذ الكلبتين فانتزعه فساعة انتزاعه مات وفي عمدة الطالب قال سعيد بن خثيم تفرق أصحاب زيد عنه حتى بقي في ثلاثمائة رجل وقيل جاء يوسف بن عمر الثقفي في عشرة آلاف فصف أصحابه صفا بعد صف حتى لا يستطيع أحدهم ان يلوي عنقه فجعلنا نضرب فلا نرى الا النار تخرج من الحديد فجاء سهم فأصاب جبين زيد بن علي يقال رماه مملوك ليوسف بن عمر الثقفي يقال له راشد فأصاب بين عينيه فأنزلناه وكان رأسه في حجر محمد بن مسلم الخياط فجاء يحيى بن زيد فأكب عليه فقال يا أبتاه أبشر ترد على رسول الله وعلي وفاطمة وعلى الحسن والحسين فقال اجل يا بني ولكن اي شئ تريد ان تصنع قال أقاتلهم والله ولو لم أجد الا نفسي فقال افعل يا بني فإنك على الحق وانهم على الباطل وان قتلاك في الجنة وان قتلاهم في النار ثم نزع السهم فكانت نفسه معه.
وقال المسعودي حال المساء بين الفريقين فراح زيد مثخنا بالجراح وقد أصابه سهم في جبهته فطلبوا من ينزع النصل فاتي بحجام من بعض القرى فاستكتموه امره فاستخرج النصل فمات من ساعته فدفنوه في ساقية ماء وجعلوا على قبره التراب والحشيش واجري الماء على ذلك وحضر الحجام مواراته فعرف الموضع فلما أصبح مضى إلى يوسف متنصحا فدله على موضع قبره فاستخرجه يوسف وبعث رأسه إلى هشام فكتب إليه هشام ان أصلبه عريانا فصلبه يوسف كذلك وبنى تحت خشبته عمودا ثم كتب هشام إلى يوسف باحراقه وذروه في الرياح اه.
وقال أبو الفرج قال القوم أين ندفنه وأين نواريه خوفا من بني أمية وعمالهم ان يمثلوا به لما يعلمون من خبث سرائرهم وعادتهم في التمثيل التي ابتدأت من يوم أحد فقال بعضهم نلبسه درعين ثم نلقيه في الماء وقال بعضهم لا بل نحتز رأسه ثم نلقيه بين القتلى فقال يحيى بن زيد لا والله لا يأكل لحم أبي السباع وقال بعضهم نحمله إلى العباسية فندفنه فيها وهي على ما في القاموس بلدة بنهر الملك.
وقال سلمة بن ثابت فأشرت عليهم ان ينطلقوا إلى الحفرة التي يؤخذ منها الطين فندفنه فيها فقبلوا رأيي فانطلقنا فحفرنا له حفرتين وفيها يومئذ ماء كثير حتى إذا نحن مكنا له دفناه ثم أجريناه عليه الماء ومعنا عبد سندي وقيل حبشي كان مولى لعبد الحميد الرواسي وكان معمر بن خثم قد اخذ صفقته لزيد وقيل هو مملوك سندي لزيد وكان حضرهم وقيل كان نبطي يسقي زرعا له حين وجبت الشمس فرآهم حيث دفنوه فلما أصبح اتى الحكم بن الصلت فدلهم على موضع قبره وقال ابن عساكر اخذه رجل فدفنه في بستان له وصرف الماء عن الساقية وحفر له تحتها ودفنه وأجرى عليه الماء وكان غلام له سندي في بستان له ينظر فذهب إلى يوسف فأخبره. وقال ابن الأثير رآهم قصار فدل عليل فبعث إليه يوسف بن عمر الثقفي فاستخرجوه وحملوه على بعير قال أبو الفرج قال نصر بن قابوس فنظرت والله إليه حين اقبل به على جمل قد شد بالحبال وعليه قميص اصفر هروي فألقي من البعير على باب القصر كأنه جبل وقطع الحكم بن الصلت رأسه وسيره إلى يوسف بن عمر وهو بالحيرة فامر يوسف ان يصلب زيد بالكناسة هو ونصر بن خزيمة ومعاوية بن إسحاق وزياد النهدي وامر بحراستهم وبعث بالرأس إلى الشام فصلب على باب مدينة دمشق ثم ارسل إلى المدينة. ثم إن يوسف بن عمر تتبع الجرحى في الدور قال المسعودي ففي ذلك اي