وأرادوا قتله فهرب إلى حلب فأرسل سلطان مصر تقليدا إلى اقبغا الجمالي بنيابة الشام، وهكذا خرج تيمور عن الشام بدون ان يتملكها لأنه عرف ان بلاده ومملكته يتيسر بقاؤها لأهله، ومملكة الشام يعسر عليه حفظها بعد بعده عنها.
وفي التاريخ الفارسي في سنة 803 سافر تيمور إلى الشام وقابله وقاتله وامراء الشام في حدود حلب فقهرهم وغلبهم وأخذ قوادهم وقيدهم وفتح حلب وجهز من هناك عسكرا إلى دمشق وقتل هناك امراء الشام الذين كانوا مقيدين معه وجاء إلى دمشق وفتح أكثر ولايات الشام وغنم عسكره غنائم عظيمة وقتل أهل الشام قتلا عاما وهرب ملك مصر والشام فرج إلى مصر انتهى قال ابن عربشاه فوصل تيمور إلى حمص ولم ينهبها ثم إلى حماه فنهبها وفي 17 شعبان سنة 803 وصل الجبول وأرسل إلى حلب واخذ من قلعتها ما استودعه فيها من المنهوبات ولم يدخل إلى حلب ثم عبر الفرات بالسفن وغيرها فوصل الرها ونهبها.
ما جرى له بماردين قال ثم أرسل رسولا إلى ماردين إلى الملك الطاهر يستدعيه بكتاب فأبى ان ينزل اليه وارسل اليه هدايا واعتذر عن الحضور فقصد ماردين يوم الاثنين عاشر رمضان سنة 803 ونزلا دنيسر ودخل ماردين وكان أهلها قد أخلوها ودخلوا القلعة وهي على رأس جبل في غاية الحصانة والمدينة تحتها محيطة بالجبل فحاصرها إلى العشرين من رمضان يوم الخميس خامس آيار فلم يقدر عليها فتركها وتوجه إلى بغداد بعد ما خرب المدينة وأسوارها.
ارساله الثقل إلى سمرقند قال وجهز بعض الثقل إلى سمرقند مع الله داد، فوصل الله داد ومن معه إلى مدينة سوز ثم إلى خلاط وعيد الجوز، وهي بلاد الأكراد وأول ما هو جار تحت حكمه من ولايات تبريز وآذرباجيان فعيد عيد رمضان بعيد الجوز ثم دخل ولايات تبريز ثم إلى سلطانية ثم إلى ممالك خراسان وكان قد خرج فصل الشتاء ودخل فصل الربيع فوصلوا إلى نيسابور ثم إلى جام ثم قطعوا مفاوز باوردوما خان ثم إلى الدخوى وانتهوا إلى نهر جيحان فعبروه بالمراكب ووصلوا سمرقند 13 المحرم يوم الثلاثاء سنة 804.
ما جرى له بآمد ونصيبين والموصل والقنطرة قال ثم إن تيمور ولي آمد قرايلوك عثمان وخرب نصيبين ورعى زروعها، وكانت خالية من السكان، ثم توجه إلى الموصل فدخلها ووهبها لحسين بك بن حسين ثم ذهب إلى ناحية القنطرة وأشاع انه يريد بلاده، ولكن السلطان أحمد بن أويس تحقق انه يريد بغداد وانما أشاع ذلك تعمية للامر على عادته.
هرب أحمد بن أويس وأخذ تيمور بغداد ثالثا قال فلما بلغ السلطان أحمد مجئ تيمور، خرج من بغداد ومعه قرا يوسف إلى بلاد الروم إلى السلطان بايزيد واستناب ببغداد نائبا يقال له فرج وأوصى اليه والى ابن البليقي ان لا يحاربا تيمور ولا يمنعاه من دخول بغداد، فجهز تيمور إلى بغداد عشرين ألف مقاتل وامر عليهم زاده رستم مع اميرين آخرين، فإذا تسلموا بغداد يكون حاكمها رستم، فلما وصلوها أبى فرج ان يسلمها لهم واستعد للقتال، فبلغ تيمور ذلك فحضر إليها بنفسه واقتتلوا حتى قتل وجرج من عسكر تيمور جماعة ثم فتحها يوم الأضحى وفرض على عسكره ان يجيئه كل واحد منهم برأسين، فبنى من تلك الرؤوس مائة وعشرين مأذنة وقتل من أهل بغداد نحوا من تسعين ألف نفس صبرا، وأعوزتهم الرؤوس فقتلوا بعض من معهم من اسرى الشاميين وغيرهم، وهرب فرج وركب سفينة واحتوشوه بالسهام من الجانبين فانقلبت به وغرق، ثم خرب تيمور المدينة ونهبها.
مراسلته السلطان بايزيد العثماني قال ثم قصد قراباع واقام بها وراسله بايزيد ايلدرم العثماني ومعنى ايلدرم الصاعقة، وطلب تسليم أحمد بن أويس وقرا يوسف أو اخراجها من مملكته وكانا قد لجا اليه والا انزل به ما انزله بسواه من الملوك والامراء انتهى فلما قرأ بايزد كتابه اجابه بما صورته معربا عن التركية.
جواب بايزيد لتيمور بعد الدعاء أيها الكلب العقور المرسوم باسم تيمور! اي تيمور الذي هو اكفر من الملك نكفور... ليكن معلومك انني قرأت كتابك أيها المشؤوم. أ بمثل هذه المهملات تخوفني! وبهذه الترهات تخادعني!! أ ظننتني ملكا من ملوك العجم أم تتريا من الصحراء؟ أم انك قايست جندي بجند الهند والصين؟؟ أم انك ظننت عسكري كعسكر العراق وهراة؟!! الحرب والضرب رأينا، والجهاد صنعتنا، وعادة الغازين في سبيل الله عادتنا. فان أنت حرصا على الدنيا تصديت للمقاتلة كالكلاب فنحن أيضا نقاتل.
ليكن معلومك انك إذا أرسلت بهذا الكلام إلى بلادنا ولم تحضر إلى ميدان القتال تكون زوجاتك طوالق بالثلاث!. والسلام على المسلمين، ولعنة الله عليك وعلى جميع من بايعك إلى يوم الدين....
قال ابن عربشاه فلما وقف تيمور على جوابه، قال ابن عثمان مجنون أحمق لأنه أطال في جوابه وشتم ولعن وختم كتابه بذكر النساء والنساء لا ينبغي ان تذكر في الكتب والمجالس وهذه عادتهم يرون ذكر النساء عيبا وانما يعبرون عنها بمثل المخدرة أو المستورة أو نحو ذلك ذهاب تيمور لقتال بايزيد وأخذه قلعة كماخ قال فسار تيمور بعساكره قاصدا بلاد الروم وارسل إلى حفيده وولي عهده محمد سلطان بن جهانكير ان يتوجه اليه من سمرقند صحبة الأمير سيف الدين فوصل تيمور إلى قلعة كماخ وهي على نحو نصف يوم من ارزنجان، ووصل اليه حفيده محمد سلطان فوكل اليه أمر حصارها وهي قلعة منيعة من احدى جهاتها نهر الفرات ومن الجهة الأخرى واد متسع فيه مسيل ماء يصب في الفرات لا تثبت فيه الاقدام ومن الجهتين الأخريين هضاب وعرة فامر بقطع الأشجار والحطب والقائها في الوادي حتى ساوى بها الأرض فالقى أهل القلعة فيه النار والبارود فاحترق فامر عساكره أن يأتي كل واحد منهم بعدل من الأحجار ففعلوا حتى طموا الوادي فمشوا عليه وقربوا من السور ونصبوا السلالم فطلب أهل القلعة الأمان فدخلها في شوال سنة 804 ثم أمر بالأحجار التي ألقيت في الوادي فأخرجت إلى المواضع التي منها أخذت.