أنت ابن مسلنطح البطحاء منبتكم * بطحاء مكة لا روس القراديد لكم سقايتها قدما وندوتها * قد حازها والد منكم لمولود لولا رجاؤك لم تعسف بنا قلص * أجواز مهمهمة قفر الصوى بيد لكن دعاني وميض لاح معترضا * من نحو أرضك في دهم مناضيد وانشده أيضا قصيدة مدحه فيها أولها:
أ في طلل قفر تحمل آهله * وقفت وماء العين ينهل هامله تسائل عن سلمى سفاها وقد نأت * بسلمى نوى شحط فكيف تسائله وترجو ولم ينطق وليس بناطق * جوابا محيل قد تحمل آهله ونؤى كخط النون ما أن تبينه * عفته ذيول من شمال تذائله ثم قال فيها يمدح السري:
فقل للسري الواصل البرذي الندى * مديحا إذا ما بث صدق قائله جواد على العلات يهتز للندى * كما اهتز عضب أخلصته صياقله نفى الظلم عن أهل اليمامة عدله * فعاشوا وزاح الظلم عنهم وباطله وناموا بأمن بعد خوف وشدة * بسيرة عدل ما تخاف غوائله وقد علم المعروف انك خدنه * ويعلم هذا الجوع انك قاتله بك الله أحيا أرض حجر وغيرها * من الأرض حتى عاش بالبقل آكله وأنت ترجى للذي أتت أهله * وتنفع ذا القربى لديك وسائله وأنشده أيضا مما مدحه به قوله:
عوجا نحيي الطلول بالكثب يقول فيها يمدحه:
دع عنك سلمى وقل محبرة * لماجد الجد طيب النسب محض مصفى العروق يحمده * في العسر واليسر كل مرتغب الواهب الخيل في أعنتها * والوصفاء الحسان كالذهب مجدا وحمدا يفيده كرما * والحمد في الناس خير مكتسب فلما فرع ابن ربيح قال السري لابن هرمة مرحبا بك يا أبا إسحاق ما حاجتك قال جئتك عبدا مملوكا قال بل حرا كريما وابن عم فما ذاك قال ما تركت لي مالا الا رهنته ولا صديقا الا كلفته.
يقول ابن أبي زريق حتى كان له ديانا وله عليه مالا فقال له السري وما دينك قال سبعمائة دينار قال قد قضاها الله جل وعز عنك قال ابن زريق فأقام أياما ثم قال لي قد اشتقت فقلت له قل شعرا تشوق فيه فقال قصيدته التي يقول فيها:
أ الحمامة في نخل ابن هداج * هاجت صبابة عاني القلب مهتاج أم المخبر إن الغيث قد وضعت * منه العشار تماما غير أخداج شفت شوائفها بالفرش من ملل * إلى الأعارف من حزن فأوجاج حتى كان وجوه الأرض ملبسة * طرائفا من سدي عصب وديباج وهي طويلة مختارة من شعره يقول فيها يمدح السري:
اما السري فاني سوف امدحه * ما المادح الذاكر الاحسان كالهاجي ذاك الذي هو بعد الله أنقذني * فلست أنساه انقاذي واخراجي ليث بحجر إذا ما هاجه فزع * هاج إليه بالجام واسراج لأحبونك مما اصطفى مدحا * مصاحبات لعمار وحجاج أسدي الصنيعة من بر ومن * لطف إلى قروع لباب الملك ولاج كم من يد لك في الأقوام قد سلفت * عند امرئ ذي غنى أو عند محتاج فامر له بسبعمائة دينار في قضاء دينه ومائة دينار يتجهز بها ومائة دينار يعرض بها أهله ومائة دينار إذا قدم على أهله قال أبو الفرج: قوله يعرض بها أهله اي يهدي لهم بها هدية والعراضة الهدية قال الفرزدق يهجو هشام بن عبد الملك:
كانت عراضتك التي عرضتنا يوم المدينة زكمة وسعالا وبسنده عن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن ابن عوف قال وافينا الحج فأصبحنا بالسيالة فإذا إبراهيم بن علي بن هرمة يأتينا فاستأذن على أخي محمد بن عبد العزيز فاذن له فقال أ لا أخبرك ببعض ما تستطرف قال بلى يا أبا إسحاق قال فإنه أصبح عندنا هاهنا منذ أيام محمد بن عمران الطلحي وإسماعيل بن عبد الله بن جبير وأصبح ابن عمران بجملين له ظالعين فجاءني رسوله إن أجب فاتيته فأخبرني بظلع جمليه وأنه يريد أن يردهما إلى مكانهما ويأتي بناضحين له بعمق وقال لي فرع لنا دارك واشتر لنا علفا واستلنه بجهدك فانا مقيمون هاهنا حتى تأتينا جمالنا فقلت في الرحب والدار فارغة وزوجته طالق إن اشتريت عود علف عندي حاجتك واشتريت له من كل شئ فاخره وأرسلته إليه مع دجاج كان عندنا وساومني في السوق عبد لإسماعيل بن عبد الله وانا لا اعرفه على حمل علف فاشتراه بعشرة دراهم فجئت أتقاضاه ثمنه فإذا العبد لإسماعيل فحياني إسماعيل ورحب بي وقال هل من حاجة يا أبا إسحاق فأخبره العبد فاجلسني فتغديت عنده ثم أمر لي مكان كل درهم بدينار وأمرت لي زوجته فاطمة بنت عباد بخمسة دنانير. وأقام ابن عمران عندي ثلاثا واتاه جملاه فما فعل بي شيئا فبينا هو يترحل إذ كلم غلاما له بشئ فلم يفهم فقال لي ما أقدر على افهامه مع قعودك عندي قد والله آذيتني ومنعتني ما أردت فقمت مغتما حتى إذا كنت على باب الدار لقيني انسان فسألني هل فعل إلي شيئا فقلت له انا والله بخير إذ تلف مالي وربحت بدني وطلع علي وانا أقولها فشتمني وزعم أن لولا احرامه لضربني وراح وما أعطاني درهما فقلت:
يا من يعين على ضيف ألم بنا * ليس بذي كرم يرجى ولا دين أقام عندي ثلاثا سنة سلفت * أغضيت منها على الأقذاء والهون تحدث الناس عما فيك من كرم * هيهات ذاك لضيفان المساكين أصبحت تخزن ما تحوي وتجمعه * أبا سليمان من أشلاء قارون مثل ابن عمران آباء له سلفوا * يجزون فعل ذوي الاحسان بالدون الا تكون كإسماعيل إن له * رأيا أصيلا وفعلا غير ممنون أو مثل زوجته فيما ألم بها * هيهات من أمها ذات النطاقين فلما انشدها قال محمد بن عبد العزيز نحن نعينك يا أبا إسحاق لقوله يا من يعين قال قد رفعك الله عن العون الذي أريده ما أردت الا رجلا مثل عبد الله بن خنزيرة وطلحة أطباء الكلية يمسكونه لي وآخذ خوط سلم فأوجع به خواصره وجواعره. فلما بلغ في انشاده إلى قوله: مثل ابن عمران آباء له سلفوا قال عذرا إلى الله واليكم اني لم أعن من آبائه طلحة بن عبيد الله فقال له إسماعيل بن جعفر بن محمد فعنيت من آبائه أبا سليمان محمد بن طلحة يا دعي وأرسل إليه محمد بن طلحة حفيد عبد الرحمن بن أبي بكر يدعوه فقال له ما الذي بلغني من هجائك أبا سليمان والله لا ارضى حتى تحلف أن لا تقول له ابدا الا خيرا وتترضاه إذا رجع وتمدحه قال افعل بالحب والكرامة وأعطاه ثلاثين دينارا وأعطاه محمد بن عبد العزيز مثلها ومدح محمد بن عمران فقال: