ما زال يعمل بالكتاب مهيمنا * في كل عنق منهم وبنان ولما قتل هؤلاء الرهط قصاصا بمن قتلوا أضطغن آباؤهم على الوليد لذلك، وصاروا يتحينون الفرص للإيقاع به، وكان للوليد سمار يسمرون عنده ومنهم أبو زبيد الطائي كان رجلا نصرانيا معروفا بشرب الخمر قد عرفه الوليد أيام نصرانيته، وكان مقامه في تغلب أخواله أيام كان الوليد أميرا عليهم بالجزيرة، وكان يغشى الوليد بالجزيرة أيام كان فيها وبالمدينة إذ كان بها، فلما جاء الوليد الكوفة قدم عليه أبو زبيد، وكان للوليد عنده يد حين أسلم إذ اضطهده أخواله كراهة لدخوله في الإسلام، فأخذ له الوليد بحقه فشكرها له أبو زبيد وانقطع إليه وجاء إليه الكوفة مسلما معظما على مثل ما كان يأتيه بالجزيرة والمدينة، وقد حسن إسلامه فاستدخله الوليد وكان عربيا شاعرا، فأتى آت أبا زينب وأبا مورع وجندبا وهم يحقدون عليه مذ قتل أبناءهم ويضعون له العيون فقال: هل لكم في الوليد يشارب أبا زبيد.
فثاروا في ذلك وقالوا لأناس من أهل الكوفة: هذا أميركم وأبو زبيد خيرته وهما عاكفان على الخمر.
فقاموا معهم إلى منزل الوليد وليس عليه باب، واقتحموا عليه فلم يفجأ إلا بهم فنحى شيئا فأدخله تحت السرير، فأدخل بعضهم يده فأخرجه، فإذا طبق عليه تفاريق عنب، وإنما نحاه استحياء من أن يرى طبقه وليس عليه إلا تفاريق عنب، فأقبل الناس على المرجفين يسبونهم ويلعنونهم وأقبل آخرون يقولون فيه، فدعاهم ذلك إلى التجسس والبحث.
ستر عليهم الوليد وطوى ذلك عن عثمان، ولم يشأ أن يدخل بين الناس في ذلك بشيء فسكت وصبر، وجاء جندب ورهط معه إلى ابن مسعود فقالوا: الوليد يعتكف على شرب الخمر.
فقال ابن مسعود: من استتر عنا بشيء لم نتبع عورته ولم نهتك ستره.
ونمي كلامه إلى الوليد فعاتبه وقال: أيرضى من مثلك بأن يجيب قوما موتورين بما أجبت علي، أي شيء أستتر به؟ إنما يقال هذا للمريب.
فتلاحيا وافترقا على تغاضب، وأذاع المرجفون بعكوفه على الخمر وطرحوه على ألسنة الناس.
وقد أتي الوليد بساحر وهو على الكوفة، فأرسل إلى ابن مسعود يسأله عن