وأما الإمارة الخاصة فهي: أن يكون الأمير فيها مقصورا على تدبير الجيش وسياسة الرعية وحماية البيضة والدفاع عن الحريم ضمن حدود معينة، وليس له أن يتعرض للقضاء أو الأحكام أو لجباية الخراج أو الصدقات في شيء، حتى الإمامة في الصلاة، فربما كان القاضي أولى بها منه، والخليفة يعين لهذه الإمارة قضاة وجبات من عنده، فالجبات يجمعون الخراج لحساب بيت المال المركزي وهم يؤدون أعطيات الجند وغيرها مما يجمعونه، والإمارات الخاصة كانت قليلة في إبان الدولة العباسية.
أما رواتب العمال فقد قدرها عمر بن الخطاب بعد تدوين الدواوين وتعيين أرزاق الجند، وأول من فعل ذلك لما وجه عمار بن ياسر إلى الكوفة وولاه صلاتها وجيوشها، فجعل له ستمائة درهم في الشهر، وعين الرواتب لولاته وكتابه ومؤذنيه ومن كان يلي معه، فبعث عثمان بن حنيف على مساحة الأرض وعبد الله بن مسعود على قضاء الكوفة، وشريحا على قضاء البصرة، وأجرى على عثمان ربع شاة وخمسة دراهم كل يوم، وجعل عطاءه خمسة آلاف درهم في السنة، وأجرى على عبد الله مائة درهم في الشهر وربع شاة في اليوم، وأجرى على شريح مائة درهم وعشرة أجربه في الشهر.
فترى مما تقدم أنه فضل عمار بن ياسر عليهم أجمعين، لأنه كان على الصلاة والجند وهي الإمارة يومئذ، ولما ولى عمر معاوية بن أبي سفيان على الشام، جعل له ألف درهم كل سنة.
وأما بنو أمية فقد نال عمال الأقاليم في أيامهم امتيازات كثيرة منحهم إياها معاوية، ترغيبا لهم في البقاء على ولائه، فولى زياد بن أبيه البصرة وخراسان وسجستان ووسع له بما يريد، وفعل نحو ذلك في عمرو بن العاص بمصر.
وجرى العباسيون على نحو ذلك، فلما ولى المأمون الفضل بن سهل على الشرق جعل له 3000000 درهم في السنة، وكانت رواتب العمال تختلف باختلاف نوع العمل وسعته وأهميته (1).
وإليك فيما يلي أسماء الذين كانوا ولاة في الكوفة من أول تمصيرها حتى آخر