وتعالى عنه - على ولاية الأمة بعده ولو أن يستخير من التدليس والغش، الأمر الذي لو ظفر به خصومنا إذا طعنوا عندنا من طريق النقل ونعوذ بالله من الاحتجاج بما لا يصح، وقد أغنى الله تعالى أمتي بالزاهدين عن الإقناع وهذا الذي ذكرنا لا يعارض بنقل موقوف على من دون النبي صلى الله عليه وسلم كالذي روى من قول عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: إلا استخلف، فقال لم يستخلف من هو خير مني، فمن المحال أن يغار من إجماع جميع الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم - على أن أبا بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - ومثله عن عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها، مما لو صح كان له وجه من أيهما زاد عن كتاب بذلك، أو ما أشبهه، وفي نص القرآن الكريم دليل واضح وبرهان على وجوب الطاعة بخلافة أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله تبارك وتعالى عنهم - وهو أن الله تعالى قال مخاطبا لنبيه صلى الله عليه وسلم في الأعراب:
﴿فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا﴾ (١) وكان نزول سورة براءة التي فيها هذا الحكم بعد غزوة تبوك بثلاث، وهي الغزاة التي تخلف فيها الثلاثة المعتذرون الذين تاب الله عليهم في سورة براءة، ولم يغزو صلى الله عليه وسلم بعد تبوك إلى أن مات.
وقال تعالى في مكان آخر: ﴿سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل﴾ (٢) فبين تعالى أن الأعراب لا يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد تبوك أبدا، ثم عطف تعالى منعه إياهم من الغزو مع رسول، فقال تعالى: ﴿قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم عذابا أليما﴾ (3).