معنى الخليفة في اللغة الذي يستخلفه المرء، ومحال أن يبعثوا بذلك الاستخلاف على الصلاة لوجهين ضروريين:
أحدهما: أنه لم يستحق هذا الاسم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان استخلفه على الصلاة.
والثاني: أن كل من استخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته كعلي بن أبي طالب - رضي الله تبارك وتعالى عنه - في غزوة الخندق، وكعثمان بن عفان - رضي الله تبارك وتعالى عنه - أو غيره في غزوة الرقاع، وغيرهم ممن استخلفه صلى الله عليه وسلم على المدينة في غزواته، كعتاب بن أسيد - رضي الله تبارك وتعالى عنه - وسائر من استخلف على البلاد لم يستحق أحد منهم بلا خلاف من أحد من الأمة أن يسمى خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم لصح بالضرورة التي لا يحيد عنها، إطلاقه بعده على الأمة الممتنع أن يجمعوا على ذلك وهو صلى الله عليه وسلم لم يستخلفه نصا، ولو لم يكن ها هنا إلا استخلافه إياه على الصلاة ما كان أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - أولى بهذه التسمية من سائر من ذكرنا.
قال أبو محمد: وهذا برهان ضروري يعارض به جميع الخصوم، وأيضا فإن الرواية قد أصبحت بأن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله!
أرأيت إن رجعت ولم أجدك - كأنما تريد الموت - قال: فأتي أبا بكر.
قال المؤلف: أبو محمد بن حزم يسير إلى ما خرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، من حديث إبراهيم بن سعد قال: أخبرني أبي عن محمد بن جبير ابن مطعم عن أبيه - رضي الله تبارك وتعالى عنه - قال: أتت النبي امرأة فكلمته في شئ، فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله! أرأيت إن جئت فلم أجدك - كأنها تريد الموت - وقال مسلم أي كأنها تعني الموت قال صلى الله عليه وسلم إن لم تجديني فأتي أبا بكر.
ذكره البخاري في كتاب الأحكام (1) وذكره مسلم في المناقب (2)