ورب محمد لو شئت لقرأته، قال: فأنشدك بالذي أنزل التوراة والإنجيل وأشياء حلفه بها تجدني فيهما؟ قال: نجد مثل نعتك يخرج من مخرجك كنا نرجو أن يكون فينا، فلما خرجت رأينا أنك هو، فلما نظرنا إذا أنت لست به، قال: من أين؟ قال: نجد من أمتك سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب وإنما أنتم قليل، قال: فهلل وكبر، وهلل وكبر، ثم قال: والذي نفس محمد بيده إني لأنا هو، إن أمتي لأكثر من سبعين ألفا وسبعين وسبعين (١).
وأما دعاؤه صلى الله عليه وسلم اليهود إلى تمني الموت وإخبارهم أنهم لا يتمنوه أبدا فصدق قوله، ولن يتمنوا الموت فقد قال الله - تعالى -: ﴿قل إن كانت لكم الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين * ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين﴾ (2) فتضمنت هذه الآية معجزا نبويا، وأنه صلى الله عليه وسلم أخبر اليهود بأنهم لا يتمنون الموت بعد أن تحداهم به، وقد كان يمكنهم أن يبطلوا دعواه بكلمة، وهي أن يقولوا: تمنينا الموت، فلم يفعلوا، فدل على علمهم بصدقة، فصرفهم عن تكذيبه مع سهولته ظاهرا، وتوفر الدواعي عليه.
وذلك أن اليهود ادعت أشياء باطلة كقولهم: (لن تمسنا النار إلا أياما معدودة)، وقولهم: (لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى)، وقولهم: (نحن أبناء الله وأحباؤه)، فأكذبهم الله - تعالى - في ذلك وألزمهم، فقال: يا محمد قل إن كانت لكم الدار الآخرة يعني الجنة فتمنوا الموت إن كنتم صادقين في دعواكم لأن من اعتقد أنه من أهل الجنة كان الموت أحب إليه من الحياة في الدنيا لما يصير إليه من نسيم الجنة، ويزول عنه من