ثقيف، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان لم يؤذن لنا في ثقيف يا خولة؟
قال: فخرجت خولة فذكرت ذلك لعمر، فدخل عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - على رسول الله ولم يؤذن لك فيهم؟ قال: أفلا أؤذن في الناس بالرحيل؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، فأذن عمر بالرحيل، فجعل المسلمون يتكلمون، يمشي بعضهم إلى بعض، فقالوا: ننصرف ولا نفتح الطائف! لا نبرح حتى تفتح علينا، والله إنهم أذل وأقل من لاقينا، قد لقينا جمع مكة، وجمع هوازن، ففرق الله تلك الجموع، وإنما هؤلاء ثعلب في جحر لو حصرناهم لماتوا في حصنهم هذا، وكثر القول بينهم والاختلاف، فمشوا إلى أبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فكلموه (1)، فقال أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - (2): الله ورسوله أعلم، والأمر ينزل عليه من السماء.
فكلموا عمر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - فأبى وقال: قد رأينا الحديبية وداخلني في الحديبية من الشك ما لا يعلمه إلا الله، وراجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بكلام، ليت أني لم أفعل وأن أهلي ومالي ذهبا، ثم كانت الخيرة لنا من الله فيما صنع، فلم يكن فتح كان خيرا للناس من صلح الحديبية بلا سيف، دخل فيه من أهل الإسلام مثل من كان دخل من يوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى يوم كتب الكتاب، فاتهموا الرأي، والخيرة فيما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولن أراجعه في شئ من ذلك الأمر أبدا، والأمر أمر الله، وهو يوحي إلى نبيه ما يشاء.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لأبي بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه - إني رأيت، أني أهديت لي قعبة (3) مملوءة زبدا، فنقرها ديك فأهراق ما فيها، قال أبو بكر - رضي الله تبارك وتعالى عنه -: ما أظن أن تدرك منهم يا رسول الله يومك هذا ما تريد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا لا أرى ذلك.