الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١ - الصفحة ٢٣٦
به شتات الأدب في دوحة هذه الدولة ولم به شعث أبنائه الذين لا صون لهم ولا صولة وأقام به عماد أبيات الشعر التي لولاه لما عرفت دار مية من اطلال خولة بمنه وكرمه إجازة كاتب هذه الأحرف ما له فسح الله في مدته من رواية المصنفات في الأحاديث النبوية والتأليفات الأدبية على اختلاف أوضاعها وتباين أجناسها وأنواعها بحسب ما تأدى ذلك إليه واتصل به من قراءة أو سماع أو إجازة أو وصية أو جادة من مشايخ العلم الذين أخذ عنهم وإجازة ما له أحسن الله إليه من مقول نظما أو نثرا تأليفا أو وضعا إجازة خاصة واثبات ما له من التصانيف إلى هذا التاريخ بخطه الكريم وإجازة ما لعله يقع له بعد ذلك إجازة عامة على أحد القولين في المسألة فإن الرياض لا ينقطع زهرها والبحار لا تنفد دررها واثبات ما يحسن ايراده في هذه الإجازة من المقاطيع الرائقة والأبيات اللائقة وذكر نسبه ومولده ومكانه فأجاب بما صورته بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد حمدا لله الذي إذا توجه ذو السؤال إليه فاز وإذا دعى كرمه ذوو الطلب أجاب وأجاز والصلاة على سيدنا محمد كعبة القصد التي ليس بينها وبين النجح حجاز وعلى آله وصحبه حقائق الفضل والفصل ومن بعدهم مجاز فلو لزم في كل الأحوال تناسب المخاطبة وكان جواب السؤال بحسب ما بينهما من شرف المناسبة لما رضى سجع الحمائم لمطارحته نوعا من الأطيار ولا قبل فصحاء الأول مراجعة الصدى من الديار) ولا قنع غمز حواجب الأحبة برد القلوب الهائمة في أودية الأفكار ولكن تقول الأكابر والاتباع تبذل من الأجوبة جهدها وتنفق مما عندها وتجرد الأماثل سيوف النطق ولا تتعدى الأولياء من الطاعة حدها ولما كنت أيها الراقم برود هذا السؤال ببيانه والمنشئ روض هذا الاستدعاء بآثار السحب من بنانه والسائل الذي هزت المعاطف فضائله وسحرت أرباب العقول عقائله وأقام المسؤول مقاما ليس هو من أهله فليتق الله سائله فريد فن الأدب الذي لا يبارى وبحره الذي لا يهدى غائص قلمه الدر إلا كبارا وذا اليد البيضاء فيه الذي طالما آنس من جانب ذهنه الشريف نارا وخليله الذي اطلع على أسراره الدقيقة ورئيسه الذي لو جارى ابن المعتز وتمت ولايته لكان خليل أمير المؤمنين على الحقيقة وناظمه الذي يسرى الطائيان تحت علمه المنشور وكاتبه الذي يتبحح العبدان بالدخول تحت رقة المأثور طالما شافه منه العلم وجها جميلا وقدرا جليلا ولاقى من لا يندم على صحبته فيقول ليتني لم أتخذ فلانا خليلا الفرقان فهو الغرس الذي يقصر عن آمالي وصفه الشجري ويفخر الدين والعلم بشخصه ولفظه فهذا يقول غرسى وهذا يقول ثمرى كم أغنى بمفرد شخصه عن فضلاء جيل وكم بدا للسمع والبصر من بنات فكره بثينة ومن وجهه جميل وكم تنزهت الأفكار من لفظه وخطه بين ريحان وورد لا بين أذخر وجليل وكم دام عهده ووده حتى كاد يبطل قول الأول دليل على أن لا يدوم خليل تود الشهب لو كانت حصباء غدير طرسه وتغار الأفق إذا طرز يراع درجه بالظلماء أردية شمسه ويتحاسد النظم والنثر على ما تنتج مقدمات منطقه من النتائج وينشده كل منهما إذا حاول القول خليل الصفا هل أنت بالدار عائج إن كتب أغضى ابن مقلة من الحسد على قذاة وحمل ابن البواب لحجبته عصا القلم قائلا ما ظلم من أشبه أباه وإن نحا النحو لباه عشرا
(٢٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 ... » »»