تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٦ - الصفحة ١١٦
ابن تومرت في ذلك، فطلب مشايخ القبائل ووعظهم، وقال: لا يصح دينكم إلا بالنهي عن المنكر، فابحثوا عن كل مفسد وانهوه، فإن لم ينته فاكتبوا أسماءهم، وارفعوها إلي.
ففعلوا ذلك ثم أمرهم بذلك ثانيا وثلاثا.
ثم جمع الأوراق، فأخذ ما تكرر من الأسماء، فأفردها عنده.
ثم جمع القبائل كلها وحضهم على أن لا يغيب منهم أحد.
ودفع الأسماء التي أفردها إلى عبد الله الونشريسي، الملقب بالبشير، ثم جعل يعرضهم رجلا رجلا، فمن وجد اسمه أفرده في جهة الشمال، ومن لم يجده جعله في جهة اليمين.
إلى أن عرض القبائل جميعها.
ثم أمر بتكتيف جهة الشمال، وقال لقبائلهم: هؤلاء أشقياء من أهل النار قد وجب قتلهم.
ثم أمر كل قبيلة أن تقتل أشقياءها، فقتلوا كلهم.
وكانت واقعة عجيبة.
وقال: بهذا الفعل يصح لكم دينكم ويقوى أمركم.) وعلى ذلك استمرت الحالة في جميع بلادهم.
ويسمونه: التمييز.
وكان له أصحاب عشرة يسمون أهل عشرة.
وأصحاب من رؤوس القبائل سماهم أهل خمسين، كانوا ملازمين مجلسه.
فأما العشرة: فعبد المؤمن، والشيخ أبو إبراهيم الهزرجي، والشيخ أبو حفص عمر بن يحيى الهنتاني المعروف بعمرانيني، والشيخ أبو محمد عبد الله البشير، والشيخ أبو محمد عبد الواحد الزواوي، وكان يعرف بطير الجنة، والشيخ أبو محمد عبد الله بن أبي بكر، والشيخ أبو حفص عمر بن أرناق، والشيخ أبو محمد واسناد الأغماتي، والشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن جامع، وآخر.
فهؤلاء الذين سبقوا وتعرفوا به لأخذ العلم عنه.
وكان اجتماعهم به أفرادا في حال تطوافه في البلاد، فآثرهم واختصهم.
وفي أول سنة أربع وعشرين جهز جيشا زهاء عشرين ألف مقاتل، قدم عليهم البشير، ثم دونه عبد المؤمن، بعد أمور وحروب.
فساروا إلى مراكش، وحاصروها عشرين يوما، فأرسل علي بن يوسف بن تاشفين إلى عامله على سجلماسة، فجمع جيشا وجاء من جهة، وخرج ابن تاشفين من البلد من جهة، ووقع الحرب، واستحر يومئذ القتل بجيش المصامدة، فقتل أمريهم عبد الله
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»