تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٠ - الصفحة ٤٦١
قال: فوالله ما مسها، ولا قبلها.
سمعت جماعة من أهلي أن في سنة إحدى وخمسين وقع النهب بالجانب الغربي، انتقل الوالد، وكان في بيته خبز يابس، فنقله معه، وترك نقل رحله، لتعذر من يحمله، فكان يقتات منه وقال: هذه الأطعمة اليوم نهوب وغصوب، ولا آكل من ذلك شيئا. فبقي ما شاء الله يتقوت من ذلك الخبز اليابس، ولحقه منه مرض..
وكان الوالد يختم في المسجد في كل ليلة جمعة ويدعو، ما أخل بهذا سنين عديدة إلا لعذر.
ولعل يقول ناظر في هذا: كيف استجاز مدح والده فإنما حملنا على ذلك كثرة قول المخالفين، وما يلقون إلى تابعيهم من الزور والبهتان، ويتخرصون على هذا الإمام من التحريف والعدوان.) أنشدني بعض أصحابه، فقال:
* من اقتنى وسيلة وذخرا * يرجو بها مثوبة وأجرا * * فحجتي يوم أوافي الحشرا * معتقدي عقيدة ابن الفرا * قال أبو الحسين: اعلم، زادنا الله علما ينفعنا به، وجعلنا ممن آثر الآيات الصريحة، والأحاديث الصحيحة، على آراء المتكلمين، وأهواء المتكلفين، وأن الذي درج عليه سائر السلف التمسك بكتاب الله، وأتباع سنة محمد صلى الله عليه وسلم، ثم ما روي عن الصحابة، ثم عن التابعين والخالفين لهم من علماء المسلمين الإيمان والتصديق بكل ما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله، مع ترك البحث والتنقير، والتسليم لذلك، من غير تعطيل، ولا تشبيه، ولا
(٤٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 456 457 458 459 460 461 462 463 464 465 466 ... » »»