تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٧ - الصفحة ٦
على الطائع كتابا بخلع نفسه، وأنه سلم الأمر إلى القادر بالله، وشهد عليه الأكابر والأشراف. ونفذ إلى القادر المكتوب، وحثه على القدوم.
وشغب الديلم والترك يطالبون برسم البيعة، وبرزوا إلى ظاهر بغداد، وترددت الرسل منهم بهاء الدولة، ومنعوا من الخطبة للقادر، ثم أرضوهم، فسكنوا، وأقيمت الخطبة للقادر في) الخطبة الآتية، وهي ثالث رمضان، وحول من دار الخلافة جميع ما فيها، حتى الخشب الساج والرخام، ثم أبيحت للخاصة والعامة، فقلعت أبوابها وشبابيكها.
وجهز مهذب الدولة علي بن نصر القادر بالله من البطائح وحمل إليه من الالآت والفرش ما أمكنه، وأعطاه طيارا كان عمله لنفسه، وشيعه فلما وصل إلى واسط اجتمع الجند وطالبوه بالبيعة، وجرت لهم خطوب، انتهت إلى أن وعدهم بإجرائهم مجرى البغداديين، فرضوا، وسار. وكان مقامه بالبطيحة منذ يوم حصل فيها إلى أن خرج عنها سنتين وأحد عشر شهرا، وقيل سنتين وأربعة أشهر، عند أميرها مهذب الدولة.
قال هلال بن المحسن: وجدت الكتاب الذي كتبه القادر بالله: من عبد الله أحمد الإمام القادر بالله أمير المؤمنين، إلى بهاء الدولة وضياء الملة أبي نصر ابن عضد الدولة، مولى أمير المؤمنين، نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، ونسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله، أما بعد، أطال الله بقاءك، وأدام عزك وتأييدك، وأحسن إمتاع أمير المؤمنين بك، فإن كتابي الوارد في صحبة الحسن بن محمد، رعاه الله، عرض على أمير المؤمنين تاليا لما تقدمه، وشافعا ما سبقه، ومتضمنا مثل ما حواه الكتاب قبله، من إجماع المسليمن، قبلك بمشهد منك، على خلع العاصي المتلقب بالطائع عن الإمامة، ونزعه عن الخلافة، لبوائقه المستمرة، وسوء نيته المدخولة، وإشهاده على نفسه بعجزه، ونكوله وإبرائه الكافة من بيعته، وانشراح صدور الناس لبيعة أمير المؤمنين، ووقف أمير المؤمنين على ذلك
(٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 5 6 7 8 9 10 11 12 13 15 16 ... » »»