فأعاده عليه، فأخرجه، ثم أمر بهم فأوقفوا ثم ألتفت إلى من حضر من مضر فقال هل تعرفون فيكم مثل هذا؟ والله قد تكلم حتى حسدته، وما منعني أن أتم على رده إلا أن يقال حسده لأنه من ربيعة وما رأيت مثله رجلا أربط جأشا ولا أظهر بيانا؛ رده يا غلام.
فلما صار بين يديه قال اقصد لحاجتك! قال يا أمير المؤمنين معن بن زائد عبدك وسيفك وسهمك رميت به عدوك فضرب وطعن ورمى حتى سهل ما حزن وذل ما صعب واستوى ما كان معوجا من اليمن فأصبحوا من خول أمير المؤمنين أطال الله بقاءه فإن كان في نفس أمير المؤمنين هنة من ساع أو واش أو حاسد فأمير المؤمنين أولى بالفضل على عبده ومن أفنى عمره في طاعته.
فقبل عذره وأمر بصرفهم إليه فلما قرأ معن الكتاب بالرضا قبل ما بين عينيه وشكر أصحابه وأجازهم على أقدارهم وأمرهم بالرحيل إلى المنصور فقال جماعة:
(آليت في مجلس من وائل قسما * أن لا أبيعك يا معن بأطماع) (يا معن إنك قد أوليتني نعما * عمت لحيما وخصت آل مجاع) (فلا أزال إليك الدهر منقطعا * حتى يشيد بهلكي هتفه الناعي) وكان نعم معن على مجاعة أنه قضى له ثلاث حوائج منها أنه كان يتعشق جارية من أهل بيت معن اسمها زهراء فطلبها فلم يجب لفقرة فطلبها من معن فأحشر أباها فزوجه على عشرة آلاف درهم وأمهرها من عنده.
ومنها أنه طلب حائطا بعينه فاشتراها له.