يهديه الأعراب فعجب الناس من ذلك وأنكروه فعبر إلى المهدي بالرصافة فأهداه له فقبله وملئ الجوالقين دراهم فعاد بينهما فعلم أنه ضرب من بعث الملوك.
قال حماد التركي: كنت واقفا على رأس المنصور فسمع جلبة فقال انظر ما هذا فذهبت فإذا خادم له قد جلس حوله الجواري وهن يضرب لهم بالطنبور وهن يضحكن فأخبرته فقال وأي شيء الطنبور فوصفته له فقال ما يدريك أنت والطنبور قلت رأيته بخراسان فقام ومشى إليهن فلما رأينه تفرغنا فأمر بالخادم فضرب رأسه بالطنبور حتى تكسر الطنبور وأخرج الخادم فباعه.
قال: وكان المنصور قد استعمل معا بن زائدة على اليمن لما بلغه من الاختلاف هناك فسار إليه وقصده الناس من أقطار الأرض لاشتهار جهده ففرق فيهم الأموال فسقط عليه المنصور فأرسل إليه معن بن زائدة وفدا من قومه فيهم مجاعة ابن الأزهر وسيرهم إلى المنصور ليزيلوا غيضه وغضبه فلما دخل على المنصور ابتدأ مجاعة بحمد الله والثناء عليه وذكر النبي فأطنب في ذلك حتى عجب القوم ثم ذكر المنصور وما شرفه الله به وذكر بعد ذلك صاحبه فلما انقضى كلامه قال أما ذكرت من حمد الله فالله أجل من أن تبلغه الصفات وأما ما ذكرت من النبي فقد فضله الله تعالى بأكثر ما قلت وأما ما وصفت به أمير المؤمنين فإنه فضله الله بذلك وهو معينه على طاعته أن شاء الله تعالى وأما ما ذكرت من صاحبك فكذبت ولئن تخرج فلا يقبل ما ذكرته.
فلما صاروا بآخر الأبواب أمر برده مع أصحابه فقال ما قلت؟