الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ٧٠
وسند أبي هريرة في ذلك أحاديث رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم منها:
1 - " إذا لم تحلوا حراما ولم تحرموا حلالا، وأصبتم المعني فلا باس " 2 - إذا حدثتم عني بحديث يوافق الحق فخذوا به حدثت به أو لم أحدث " 3 - " ما بلغكم عني من قول حين لم أقله فانا قتله ".
والجواب عن ذلك: ان كثرة أحاديث أبي هريرة مع تأخر اسلامه لا ترجع إلى ما زعموه، وانما ترجع إلى انقطاعه عن الدنيا إلى مجالسه صلى الله عليه وسلم وملازمته إياه سسقرا وحضرا والى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له الا ينسى شيئا من حديثه، والى انه عاش بعد وفاته صلى الله عليه وسلم نحوا من خمسين عاما يأخذ عن الصحابة ما فاته من الأحاديث ثم يرويها للناس.
واما زعمهم انه استجاز لنفسه ان يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير الحلال والحرام فباطل من وجوه:
1 - ان أبا هريرة من رواة حديث: " ومن كذب علي متعمدا فليتبوا مقعدة من النار "، وثبت عنه انه كان يذكره بين يدي ما يريد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من مجالسه.
2 - وان الصحاة قد أقروه على رواية الأحاديث، ورووها عنه، ومن هؤلاء: عمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وزيد بن ثابت، وأبو أيوب الأنصاري، وابن عباس، وعائشة، وجابر، وعبد الله بن عمر، وأبي بن كعب وأبو موسى الأشعري، وهذا اجماع منهم على صدقة وأمانته.
3 - وان الأحاديث التي رواها أبو هريرة وجد أكثرها عند غيره من الصحابة.
واما الأحاديث التي نسبوها إلى أبي هريرة فنجيب عنها بما يلي:
1 - الحديث الأول في الرواية بالمعني لا فيما زعموه من إباحة الكذب عليه صلى الله عليه وسلم ولم يروه أبو هريرة بل رواه غيره.
روى الحافظ الهيثمي عن يعقوب بن عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثي عن أبيه عن جده قال، اتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا له: بآبائنا وأمهاتنا يا رسول الله انا نسمع منك الحديث، فلا
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»