سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٩٩
لأبي حازم: إني لأجد شيئا يحزنني، قال: وما هو يا ابن أخي؟ قلت: حبي للدنيا. قال: اعلم أن هذا لشئ ما أعاتب نفسي على بعض شئ حببه الله إلي لان الله قد حبب هذه الدنيا إلينا. لتكن معاتبتنا أنفسنا في غير هذا:
ألا يدعونا حبها إلى أن نأخذ شيئا من شئ يكرهه الله، ولا أن نمنع شيئا من شئ أحبه الله. فإذا نحن فعلنا ذلك لم يضرنا حبنا إياها.
ضمرة بن ربيعة، عن ثوابة بن رافع، قال: قال أبو حازم: وما إبليس؟ لقد عصي فما ضر، ولقد أطيع فما نفع.
وعنه: ما الدنيا؟ ما مضى منها، فحلم، وما بقي منها، فأماني.
وروى يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم قال: السيئ الخلق أشقى الناس به نفسه التي بين جنبيه، هي منه في بلاء. ثم زوجته، ثم ولده، حتى إنه ليدخل بيته، وإنهم لفي سرور، فيسمعون صوته فينفرون عنه، فرقا منه.
وحتى إن دابته تحيد مما يرميها بالحجارة، وإن كلبه ليراه فينزو على الجدار، حتى إن قطه ليفر منه.
روى أبو نباتة المدني، عن محمد بن مطرف، قال: دخلنا على أبي حازم الأعرج، لما حضره الموت، فقلنا: كيف تجدك؟ قال: أجدني بخير، راجيا لله، حسن الظن به. إنه والله ما يستوي من غدا أو راح يعمر عقد الآخرة لنفسه فيقدمها أمامه قبل أن ينزل به الموت حتى يقدم عليها، فيقوم لها وتقوم له، ومن غدا أو راح في عقد الدنيا يعمرها لغيره، ويرجع إلى الآخرة لاحظ له فيها ولا نصيب.
قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ما رأيت أحدا، الحكمة أقرب إلى فيه من أبي حازم.
يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم قال: تجد الرجل يعمل
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»