سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٢١٦
الصلاة عليه فقال ابنه: تقتل أبي وتصلي عليه؟ فنحاه الحرس. وتقدم محمد، وكان محمد أسود جسيما فيه تمتمة. ولما خرج قامت قيامة المنصور. فقال لآله:
اذهبوا إلى هذا الأحمق عبد الله بن علي، فله رأي جيد في الحرب. فلما دخلوا قال: لأمر ما جئتم: فما جاء بكم جميعا، وقد هجرتموني من دهر. قالوا: استأذنا أمير المؤمنين، فأذن لنا. قال: ليس ذا بشئ. ما الخبر؟ قالوا: خرج محمد.
قال: فما ترون ابن سلامة صانعا؟ - يعني المنصور - قالوا: لا ندري. قال: إن البخل قد قتله، فليخرج الأموال ويكرم الجند، فإن غلب فما أوشك أن يعود إليه ماله.
وجهز المنصور ولي عهده عيسى بن موسى لحرب محمد، وكتب إلى محمد يحثه على التوبة. ويعده ويمنيه، فأجابه: من المهدي محمد بن عبد الله (طسم تلك آيات الكتاب المبين) وأنا أعرض عليك من الأمان مثل ما عرضت. فإن الحق حقنا.. إلى أن قال: فأي الأمانات تعطيني أمان ابن هبيرة، أم أمان عمك؟ أم أمان أبي مسلم؟!
فأرسل إليه بكتاب مزعج، وأخذ جند محمد مكة. وجاءه منها عسكر، وسار ولي العهد في أربعة آلاف فارس، ونفذ إلى أهل المدينة يتألفهم، فتفلل خلق عن محمد، وبادر آخرون إلى خدمة عيسى. فأشير على محمد أن يفر إلى مصر، فلن يردك أحد عنها. فصاح جبير: أعوذ بالله أن نخرج من المدينة، ونبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: " رأيتني في درع حصينة فأولتها المدينة " (1).

(1) قطعة من حديث مطول، أخرجه أحمد 1 / 271 من طريق: سريج عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس قال: تنفل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي أرى فيه الرؤيا يوم أحد، فقال: رأيت في سيفي ذي الفقار فلا، فأولته، فلا يكون فيكم، ورأيت أني مردف كبشا، فأولت كيش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة، فأولتها المدينة، ورأيت بقرا تذبح، فبقر والله خير، فبقر والله خير، فكان الذي قال، صلى الله عليه وسلم، ". وسنده حسن. وأخرج الدارمي 2 / 129 بنحوه من طريق الحجاج ابن منهال، عن حماد بن سلمة، عن أبي الزبير عن جابر.. ورجاله ثقات.
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»