سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٢١٣
إلى العراق، وجعفر الصادق يبكي لهم. وأخذ معهم أخوهم من أمهم محمد ابن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وهو ابن فاطمة بنت الحسين. فقيل:
جعلوا في المحامل ولا وطاء تحتهم. وقيل: أخذ معهم أربع مئة من جهينة، ومزينة.
قال ابن أبي الموالي: وسجنت مع عبد الله بن حسن فوافى المنصور الربذة (1) راجعا من حجه. فطلب عبد الله أن يحضر إليه فأبى. ودخلت أنا وعنده عمه عيسى بن علي، فسلمت قال: لا سلم الله عليك. أين الفاسقان؟ ابنا الفاسق؟!
قلت: هل ينفعني الصدق؟ قال: وما ذاك؟ قلت: امرأتي طالق وعلي وعلي إن كنت أعرف مكانهما. فلم يقبل. فضربني أربع مئة سوط. فغاب عقلي ورددت إلى أصحابي. ثم طلب أخاهم الديباج فحلف له، فلم يقبل، وضربه مائة سوط وغله، فأتى وقد لصق قميصه على جسمه من الدماء.

(1) قرية من قرى المدينة المنورة، قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز، إذا رحلت من " فيد " تريد " مكة ". وبها قبر الصحابي الجليل أبي ذر، رضي الله عنه، وقطعا للشكوك التي يثيرها دعاة الفتن، وأصحاب الأغراض، الذين افترع الغرب عقولهم، حول مكث أبي ذر بالربذة، نورد أصح الاخبار عن ذلك، وهو الحديث الذي رواه البخاري 3 / 217 و 218، في الزكاة، باب: ما أدي زكاته ليس بكنز، وفي تفسير سورة براءة، باب: والذين يكنزون الذهب والفضة عن زيد بن وهب قال: مررت بالربذة، فإذا بأبي ذر، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هذه الآية (والذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) [التوبة: 34] فقال معاوية:
نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم. فكان بيني وبينه في ذلك كلام. فكتب إلى عثمان يشكوني. فكتب إلي عثمان: أن أقدم المدينة، فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك. فذكرت ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئت تنحيت فكنت قريبا فذاك الذي أنزلني هذا المنزل ولو أمروا علي حبشيا لسمعت وأطعت.
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»