سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٥٦
سفيان بن وكيع، حدثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، حدثني أبو النضر، عن زياد، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم، دخل على عثمان بن مظعون حين مات، فأكب عليه، فرفع رأسه، فكأنهم رأوا أثر البكاء، ثم جثا الثانية، ثم رفع رأسه، فرأوه يبكي، ثم جثا الثالثة، فرفع رأسه وله شهيق، فعرفوا أنه يبكي، فبكى القوم، فقال: مه، هذا من الشيطان. ثم قال: أستغفر الله. أبا السائب! لقد خرجت منها ولم تلبس منها بشئ (1).
حماد بن سلمة: عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال: لما مات ابن مظعون قالت امرأته: هنيئا لك الجنة. فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر غضب، وقال: ما يدريك؟ قالت: فارسك وصاحبك. قال: إني رسول الله، وما أدري ما يفعل بي ولا به. فأشفق الناس على عثمان بن مظعون، فبكى النساء، فجعل عمر يسكتهن، فقال: مهلا يا عمر! ثم قال:

(1) سفيان بن وكيع ضعيف. وهو في " حلية الأولياء " 1 / 105. وذكره الهيثمي في المجمع 9 / 302 - 303 ونسبه إلى الطبراني، عن عمر بن عبد العزيز بن مقلاص عن أبيه، وقال: لم أعرفهما، وبقية رجاله ثقات. ومما يدل على وهاء الحديث كون متنه منكرا فإنه جعل البكاء من الشيطان. مع أنه ثبت في الصحيحين أن النبي، صلى الله عليه وسلم، فاضت عيناه على بنت بنته، فاستغرب ذلك منه سعد بن عبادة وقال: ما هذا يا رسول الله؟ فقال؟ صلى الله عليه وسلم،: رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ".
وفي الصحيحين أيضا أنه بكى على ابنه إبراهيم وقال: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون وثبت عنه، صلى الله عليه وسلم، أيضا في الصحيحين، أنه قال: إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا يحزن القلب، ولكن يعذب بهذا - وأشار إلى لسانه - أو يرحم. وأما المنهي عنه في الاسلام فهو النياحة، والندب، وضرب الخدود، وشق الجيوب، والدعاء بدعوى الجاهلية.
وقد ثبت عنه، صلى الله عليه وسلم، من حديث عائشة، أنها رأته يقبل عثمان بن مظعون، وهو ميت، وعيناه تذرفان. أخرجه أبو داود (3133) والترمذي (989)، وابن ماجة (1456). وقال الترمذي: حسن صحيح. وله شاهد من حديث معاذ بن ربيعة عند البزار (809).
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»