شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٠
والمعنى في ذلك أنه كان بنيته استدامة الرباط لو (1) بقى حيا إلى فناء الدنيا، والثواب بحسب النية. قال عليه السلام: " الأعمال بالنيات ".
4 - وروى محمد بإسناده عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال:
ألا أنبئكم بليلة هي أفضل من ليلة القدر: حارس يحرس في سبيل الله في أرض خوف لعله لا يؤوب إلى أهله أو رحله.
في الحديث حث (2) على الحراسة للغزاة في أرض الحرب، فقد جعل ليلة الحارس أفضل من ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر (15 آ).
وكان المعنى فيه أن الحارس يسعى لإزالة الخوف عن المسلمين، والذي يحيى ليلة القدر يسعى في فكاك نفسه.
وقد روى هذا مرفوعا في حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لمقام ساعة في سبيل الله تعالى أفضل من إحياء ليلة القدر عند الحجر الأسود ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ثلاثة أعين لا تمسسها (3) نار جهنم: عين فقئت في سبيل الله، وعين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله ".
وقوله: لا يؤوب إلى أهله (4) أي يستشهد في وجهه فلا يرجع إلى أهله. وفيه إشارة إلى أن الحارس في أرض الحرب يعرض نفسه لدرجة الشهادة لأنه سلم ما باع (5) من الله تعالى على ما قال الله تعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم. الآية} (6).

(1) ط " أن لو ".
(2) ط، ه‍ " وفيه حث ".
(3) ط " لا تمسها ".
(4) ط " رحله ".
(5) ط " ويسلم ما باعه قال تعالى.. ".
(6) سورة التوبة، 9، الآية 111.
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»