شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٥
رأيتك أعرضت عنى فقال: هلا أعطيتها بعض أهلك؟ وما روى بعد هذا من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: ما رأيت ذا لمة في حلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإنما كان ذلك في الابتداء ثم كره استعمالها للرجال بعد ذلك. وما روى عن الشعبي أنه كان يلبس المعصفر، فإنما فعل ذلك فرارا من القضاء، فإنهم أرادوه للقضاء مرارا فلبس المعصفر ولعب الشطرنج وكان يخرج مع الصبيان لنظر الفيل. حتى رأوا ذلك منه فتركوه.
وقوله: ويشاركوا الذين كفروا في صغارهم، أي التزموا الخراج واشتغلوا بالزراعة وقعدوا عن الجهاد. فظاهر هذا اللفظ حجة لمن كره الاشتغال بالزراعة. وقد روى النبي صلى الله عليه وسلم (16 ب) أنه رأى شيئا من آلات الحراثة (1) في بيت قوم. فقال: " ما دخل هذا بيت قوم إلا ذلوا حتى كر عليهم عدوهم (2) ". ولكن تأويله عندنا إذا أعرضوا عن الجهاد. فأما بدون ذلك فلا بأس بالاشتغال بالزراعة، فان النبي صلى الله عليه وسلم ازدرع بالجرف، هو اسم موضع (3). ولا بأس بالتزام الخراج وتملك الأراضي الخراجية، فان الصغار في خراج الرؤوس لا في خراج الأراضي، فان ابن مسعود والحسن بن علي وأبا هريرة كانت لهم أراض خراجية بسواد العراق، وكانوا يؤدون الخراج منها.
9 - وذكر محمد رحمه الله بعد هذا عن عثمان رضي الله عنه أنه قام في أهل المدينة فقال: يا أهل المدينة! خذوا بحظكم من الجهاد في سبيل الله. ألا ترون إلى إخوانكم من أهل الشام وأهل المصر وأهل

(١) ه‍، ط " الزراعة ".
(٢) قوله " حتى كر عليهم عدوهم " ساقط في ه‍، ط وهي فيهما بعد قوله بعد اعرضوا عن الجهاد.
(3) قوله " هو اسم موضع " لا يوجد في ه‍، ط. والجرف موضع قرب المدينة.
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»