كتاب الضعفاء والمتروكين - النسائي - الصفحة ١٣٦
ولم تكن هذه الكتب تعني مجرد جميع الاخبار وتصنيفها، إنما هي أحكام في غاية الدقة والتمحيص الشديد والتحري الزائد، إذ كانوا يراقبون الله في كل لفظة أو إشارة مخالفة أن يجرحوا عدلا أو يوثقوا مجروحا، فإذا كان حال الراوي يتضح يوصف اكتفوا به ولم يضيفوا إليه آخر، وهذا هو الذي أدي إلى هذا الاختصار الشديد في تراجم الرجال بين الطبقة المتقدمة خاصة: إذ لا يعنى الامام المحدث إلا بالجانب الذي يخص الحديث من سيرة الرجل المترجم له.
وقد قدمنا إليك في القسم الأول من هذا الكتاب أنموذجا رائدا في هذا الباب، نعني به كتاب الضعفاء للامام البخاري. والقسم الثاني الذي تعالجه هذه المقدمة هو كتاب الضعفاء والمجروحين للنسائي.
الامام النسائي:
هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار الخراساني النسائي ونسا المدينة التي نسب إليها أبو عبد الرحمن هي إحدى مدن خراسان. قال ياقوت عنها: بينها وبين سرخس يومان، وبينها وبين مرو خمسة أيام، وبين أبيورد يومان، وبين نيسابور ستة أو سبعة، وهي مدينة وبيئة جدا يكثر بها خروج العرق المديني، حتى أن الصيف قل من ينجو منه من أهلها.
ومهما يكن من وصف ياقوت لها، فهي تتوسط مدنا اشتهرت بمدارس العلم، ومنحت الفكر الاسلامي عددا كبيرا من العلماء في شتى ميادين الدراسات الاسلامية.
ولد أبو عبد الرحمن في أوائل القرن الثالث الهجري، العصر
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « 131 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»
الفهرست