مثلا: إن ورد خبر صحيح في حكم يخالف المشهور، فإن أخذنا بالشهرة في الحكم، تركنا الشهرة في وجوب العمل بالخبر الصحيح، وإن أخذناه في نفس الخبر، تركناه في الحكم، وهكذا الاحتياط وأخواه.
فنقول: إما لا حكم ولا تكليف لنا باقيا في مثل تلك الموارد، أو يكون باقيا.
فعلى الأول فلا خوف في العمل بالخبر أصلا، وعلى الثاني فلا يمكن أن يكون مأخذه غير الظن المطلق أو الخبر; للانحصار فيه حينئذ، وأيهما كان يثبت المطلوب.
فإن قيل: لعل المتبع هو ظواهر الكتاب.
قلنا: نفرض الكلام فيما لا حكم له فيها، فنقول: هل لنا حكم فيه أم لا؟ إلى آخر ما ذكر.
الثاني: أنه إذا كان لنا تكاليف غير المعلومات، وكانت باقية لنا، غير مسموع عذرنا في تركها، فإما لم يقرر الشارع لنا فيها مأخذا ومتبعا ولم يأمرنا بمتابعة مأخذ فيها، أو قرر لنا فيها متبعا وأمرنا بأخذ أحكامنا منه.
الأول باطل قطعا; للقطع بأنه لو سألنا الإمام عليه السلام: أن باب العمل بهذه التكاليف والأحكام الواجبة علينا امتثالها منسد، فمن أي شئ نفهمها ونأخذها، وما متبعنا فيها؟ لا يقول: لا أدري، ولا يقول: لا يجب عليك فهمها و استخراجها، وما أمرتك باتباع شئ فيها، بل يجيب بأن المتبع الأمر الفلاني، ويجب عليك الأخذ به والفهم منه.
فإن قلت: نعم لو كان الإمام موجودا وسألته لأجاب بتعيين متبع، ولكن الكلام في هذا الزمان الذي ليس فيه مسؤول، فلا متبع معينا.
قلنا: فما تفعل مع تلك الأحكام الباقية؟
فإن قلت: أعمل بالاحتياط، لا بمعنى أنه متبعك، بل لما لم يعلم المتبع، فالعمل عليه.
قلنا: إن قلت: إنه واجب، فهو المتبع، وإن قلت: إنه ليس بواجب ويجوز