قلنا: أولا: إن الشارع أمر بترك كل مظنون - كما عرفت - فلا يحكم العقل بقبح ترك مظنون أصلا وثانيا: إن قبل نزول هذه الآيات، وصدور تلك الروايات لم يكن أمر من الشارع، فهل كان العقل يحكم بقبح ترك المظنون أم لا؟ إن قلت: لا، كذبت نفسك، وإن قلت: نعم، فكيف أمر الشارع به؟ (انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون) 1 الدليل الثالث: من أدلة القائلين بحجية الظن مطلقا: أن في مخالفة ما ظنه المجتهد حكم الله مظنة الضرر، ودفع الضرر والمظنون واجب أما المقدمة الأولى: فلأنه لو حصل الظن بوجوب شئ، يحصل الظن باستحقاق تاركه العقاب، إذ هو معنى الوجوب، وإذا حصل الظن بالحرمة يحصل الظن باستحقاق فاعله العقاب، ولأجل أنه معنى الحرمة.
وإذا حصل الظن باستحقاق العقاب، يحصل الظن بترتبه، لان المظنون أن بعد وجود المقتضي، وعدم الظن بالمانع، يترتب عليه مقتضاه لأجل الظن بعدم المانع، للأصل، بل آيات الوعيد وأخباره، مثل قوله سبحانه: (ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم) 2 يدل على ترتب العقاب على العصيان، ومقتضاها الظن بترتب العقاب فعلى هذا لو خالف مجتهد مظنونه، يظن المؤاخذة على المخالفة، وكذلك على ترك الافتاء بمقتضاه، للاجماع على اتحاد حكم المقلد والمجتهد.
وذلك وان اختص بالواجبات والمحرمات، ولكن يجري في غيرهما بعدم القول بالفصل.
وأما المقدمة الثانية: فبحكم العقل، بل قال بعض بوجوب دفع الضرر