الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٣٢
المدينة ونحن نبيع هذا البيع فقال: ما كان يدا بيد فلا بأس به، وما كان نسيئة فهو ربا وائت زيد بن أرقم فإنه كان أعظم تجارة مني، فأتيته فسألته فقال مثل ذلك.
وبالسند المذكور إلى مسلم: حدثنا الحسن بن علي الحلواني، ثنا أبو أسامة، ثنا محمد بن عمرو، ثنا عمر بن مسلم بن عمار الليثي قال: كنا في الحمام قبيل الأضحى فأطلي فيه ناس، فقال بعض أهل الحمام: إن سعيد بن المسيب يكره هذا وينهى عنه، فلقيت سعيد بن المسيب، فذكرت ذلك له، فقال: يا ابن أخي هذا حديث قد نسي وترك، حدثتني أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... فذكرت من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي، أو كلاما هذا معناه.
قال علي: عمرو بن مسلم هذا هو ابن أكيمة الذي يروي عنه مالك وغيره.
قال علي: فإن كان عمل أهل المدينة - الذين يحتجون به ويتركون له كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الباب الذي ذكرنا فنحن نبرأ إلى الله تعالى من هذا العمل، ونحن متقربون إلى الله تعالى بعصيان هذا العمل ومضادته، ولا شك أنهم يريدون عمل الجمهور الذي وصفنا، من نحو إنكار عامة أهل المدينة على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم المرور في المسجد، وبيع أهل سوق المدينة الورق بالورق، أو بالذهب نسيئة، ولا ينكر ذلك أحد منهم.
ومثل تركهم ونسيانهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم في ألا يمس الشعر والظفر من أراد أن يضحي إذا أهل ذو الحجة بشهادة سعيد بن المسيب - فقيه أهل المدينة - عليهم بذلك، فإذا ما قد بينا أنهم لا يتعلقون بعمل النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعمل أبي بكر وعمر وعثمان، ولا بعمل أحد بعينه من الصحابة رضوان الله عليهم، فلم يبق بأيديهم شئ إلا العمل الذي وصفنا، ونعوذ بالله من التعلق بمثل هذا العمل فهو الضلال المبين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وقد فشا الشكوى بالعمال، وتعديهم في المدينة في أيام الصحابة رضوان الله عليهم، كما حدثنا حمام بن أحمد قال: ثنا عبد الله بن إبراهيم الأصيلي، ثنا أبو زيد المروزي، حدثنا الفربري، ثنا البخاري، ثنا قتيبة بن سعيد ثنا سفيان بن عيينة، عن محمد بن سوقة، عن منذر الثوري، عن محمد بن علي - هو ابن الحنفية - قال: جاء عليا ناس
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258