الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٤٨
وفي موطأ ابن وهب كما في موطأ أبي المصعب ولا مزيد فبان كذب هذا القائل، والحمد لله رب العالمين.
قال علي: ولئن كان جميع حديث النبي صلى الله عليه وسلم مذموما فإن مالكا لمن أول من فعل ذلك، فإن أول من ألف في جمع الحديث فحماد بن سلمة، ومعمر، ثم مالك، ثم تلاهم الناس، وأما نحن فإننا نحمد ذلك من فعلهم.
ونقول: إن لهم ولمن فعل فعلهم في ذلك أعظم الاجر لعظيم ما قيدوا من السنن، وكثيرا ما بينوا من الحق، وما رفعوا من الاشكال في الدين، وما فرجوا بما كتبوا من حكم الاختلاف، فمن أعظم أجرا منهم، جعلنا الله بمنه ممن تبعهم في ذلك بإحسان آمين.
وأما رد عمر رضي الله عنه لحديث فاطمة بنت قيس فقد خالفته فاطمة وهي من المبايعات المهاجرات الصواحب، فهو تنازع من أولي الامر ليس قول أولى من قولها، ولا قولها أولى من قوله، إلا بنص والنص موافق لقول فاطمة، وعمر مجتهد مخطئ في رد ذلك، مأجور مرة ولا تعلق للمالكيين بهذا الخبر، لأنهم خالفوا رواية فاطمة وخالفوا قول عمر، فلم يتعلقوا بأحدهما.
وأما ما ذكروا من نهي عمر رضي الله عنه في الاكثار من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثنا محمد بن سعيد، ثنا أحمد بن عون الله، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا الخشن، ثنا بندار، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا شعبة عن بيان عن الشعبي عن قرظة - هو ابن كعب الأنصاري - قال شيعنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى صرار، فانتهى إلى مكان فتوضأ فيه. فقال: أتدرون لما شيعتكم؟ قلنا: لحق الصحبة.
قال: إنكم ستأتون قوم تهتز ألسنتهم بالقرآن كاهتزاز النخل فلا تصدروهم بالحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم، قال قرظة: فما حدثت بشئ بعد، ولقد سمعت كما سمع الصحابي. فهذا لم يذكر فيه الشعبي أنه سمعه من قرظة، وما نعلم أن الشعبي لقي قرظة ولا سمع منه، بل لا شك في ذلك، لان قرظة رضي الله عنه مات والمغيرة بن شعبة أمير الكوفة.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258