الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٥٢
لأحنثن أبا هريرة وأحسنت وبرت. فلو لم يكن في هذا إلا قول أبي هريرة لما لزم الاخذ به.
وأما خبر عثمان فلا ندري على أي وجه أورده. والذي نظن بعثمان أنه كان عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية في صفة الزكاة، استغنى بها عما عند علي بل نقطع بهذا عليه قطعا، ولا وجه لذلك الخبر سوى هذا أو المجاهرة بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أعاذه الله من ذلك فإن صاروا إلى توجيهنا، بطل تعلقهم بهذا الخبر. وإن وجهوه على هذا الوجه الآخر، لحقوا بالروافض ونسبوا إلى عثمان الكفر أو الفسق، وقد برأه الله من ذلك وأن من نسب ذلك إليه لأولى به من عثمان بلا شك.
وأما قول عمار لعمر: فيعيذ الله عمارا من أن يستجيز جحد سنة عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم موافقة لرأي عمر. هذه صفة توجب الكفر لمن استحلها ويوجب الفسق لمن فعلها غير مستحل لها، لا يختلف في ذلك اثنان من أهل الاسلام، مع مجئ النص بذلك فيمن يكتم حكم الله تعالى أو يخالفه. وإنما قال ذلك عمار مبكتا لعمر إذ خالفه، بمعنى أترى لي أن أكتم هذا الخبر، نعم إن شئت كما قال تعالى اعملوا ما شئتم أو غير هذا، وهو في الخبر ذكر أن عمر أجنب فلم يصل، فهذا الذي أراد عمار كتمانه، وأنه لا يحدث به أبدا لواجب حق عمر عليه وهذا مباح إذ ليس ذكر اسم عمر في ذلك من السنن، ولا له فائدة، لكن عمر رضي الله عنه لم يفسح له في ذلك بل ولاه من التصريح باسمه في ذلك ما تولى.
وأما ابن عباس فإنه روى في فضل المرأة من طريق ميمونة خبرا بنى عليه وروى في المتعة إباحة شهدها فثبت عليها ولم يحقق النظر، وقد أنكر ذلك عليه علي بن أبي طالب وأغلظ عليه القول - وروي في الدرهم بالدرهمين خبرا عن أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم فثبت عليه وأنكر عليه ذلك أبو سعيد وأغلظ له في القول جدا، ولم يعارض خبر الحكم في فضل المرأة بأكثر من أن قال: هي ألطف بنانا، وأطيب ريحا، فليس في هذا رد للحديث ولا لحكمه، بل صدق في ذلك، وقد
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258