الاحكام على بيان الحكم الاقتضائي.
وهذا ما بنى عليه صاحب الكفاية في دليل: " لا ضرر " ونحوه كدليل نفي الحرج، واصطلح عليه بالتوفيق العرفي (2).
هذه زبدة الوجوه المذكورة في هذا المقام.
أما الأول: فهو فرع تحقق التعارض بنحو لا يمكن الجمع بينهما، فهو في طول سائر الوجوه وسيتضح لك ان النوبة لا تصل إليه.
وأما الثاني: فهو لا وجه له، إذ لا مجال لملاحظة جميع الأدلة دليلا واحدا، بعد أن كانت الاحكام مبنية بأدلة مستقلة، ومجرد الملاحظة لا يصيرها دليلا واحدا كي تتغير النسبة.
وأما الثالث: فهو وجه متين يلتزم بنظائره في موارد متعددة من الفقه.
ويمكن تصويره بنحو أكثر صناعة وأبعد عما يدور حوله من إشكال، بأن يقال: إنه بع الجزم بصدور: " لا ضرر " وإرادة أنفي الضرر في الجملة بنحو تكون:
" لا ضرر " نصا في بض الموارد على نحو الاجمال.
وهذا ينافي إطلاق أدلة الاحكام وعمومها، ويكون العمل بأدلة الاحكام موجبا لطرح ما يكون دليل: " لا ضرر " نصا فيه لا مجرد ظهوره فيه، لأنها نص في بعض الموارد بنحو الموجبة الجزئية، ومقتضى ذلك حصول العلم الاجمالي بتقييد وتخصيص بعضها، فلا يمكن العمل بكل واحد منها لعدم جريان أصالة العموم بعد العلم الاجمالي بتخصيص البعض، فتسقط أصالة العموم في الجميع.
ولكن لا يخفى عليك ان هذا الوجه إنما تصل النوبة إليه بعد عدم امكان الجمع العرفي بين دليل نفي الضرر وأدلة الاحكام، إما بنحو الحكومة أو بنحو التوفيق العرفي الذي يبني عليه صاب الكفاية، لأنه فرع المعارضة.