البحث عن مسألة الإجزاء لفظية وفي دلالة لفظ الأمر على الإجزاء - إما بالمطابقة أو التضمن أو الالتزام - أولا. وربما يؤيد لفظية البحث عقد مسألة الإجزاء في مباحث الألفاظ.
وأما إن عبر عن عنوان المسألة بالعبارة الثانية تكون مسألة الإجزاء من المسائل العقلية، وأن إتيان المأمور به هل يكون مقتضى وعلة للإجزاء وسقوط التكليف، أم لا؟ (1) وفيه: أنه لا وجه لعد البحث من مباحث الألفاظ، ومن دلالة اللفظ بمجرد التعبير عنه بالعبارة الأولى، ولا أظن أن يتوهمه أحد؛ وذلك لأن دلالة اللفظ لابد وأن تكون إما بالمطابقة أو التضمن أو الالتزام، ولم تدل شئ من ذلك:
أما عدم دلالته بالمطابقة أو التضمن فواضحة؛ لعدم دلالة الأمر بمادته وهيئته على ما ذكر في عنوان البحث بطوله بحيث يكون هذا المعنى عين مدلولها أو جزئها.
وأما عدم دلالتها بالالتزام فكذلك؛ فلأن عد دلالة اللفظ على لازمه من دلالة اللفظ - مع أنها حكم العقل ومن دلالة المعنى على المعنى - بلحاظ أنه مهما تصور اللفظ يفقد لازمه في الذهن بلا مهلة ولا تراخي في ذلك فكأن اللفظ دل عليه؛ ولذلك اشترطوا في دلالة الالتزام كون اللازم بينا بالمعنى الأخص، ومعناه هو الجزم باللزوم بمجرد تصور الملزوم.
وهل ترى من نفسك أن لفظ الأمر دال على أن الإتيان به على وجهه يقتضي الإجزاء باللزوم البين بالمعنى الذي ذكره؟! ولو كان لزوما كذلك لما كان محلا للنزاع. وهل يرضى أحد أن ينسب إلى أكابر الفن وعظمائهم القائلين بالإجزاء أنهم يقولون: