ثانيهما: عدم اندراج فعل المتبرع تحت قدرة المكلف، ولا يمكن تعلق الإرادة به؛ فلا معنى لأن يقال: " افعل أنت بنفسك أو غيرك " مع لزوم اندراج الواجبات التخييرية بشقوقها تحتها (1)، انتهى.
ولكن ناقش المحقق العراقي (قدس سره) في ذلك، وقال: إن خطاب المكلف بالفعل الذي يسقط وجوبه عنه بفعل غيره لا يكون مشروطا بعدم فعل الغير كما توهم، بل هو خطاب توجه إليه في حين عدم فعل الغير، كما هو شأن الواجب التخييري (2).
والذي يقتضيه التحقيق هو أن يقال: عدم الخطاب مشروطا بعدم فعل الغير، ولا يكون الخطاب تخييرا يعلم ذلك بعد تصور حال الجعل وكيفية التشريع.
وذلك لأن الذي ينكشف بالتأمل في مقام الثبوت وتشريع عمل معين - كالحج مثلا - أن الملحوظ هناك هو نفس الحج ووجوبه على المستطيع، لا المردد بينه وبين الاستنابة - كما هو الشأن في دوران الأمر في عالم الجعل بين الخصال الثلاث - حتى يكون الاستنابة معادلا للحج؛ تعادل العتق للإطعام والصيام؛ ليكون المسؤول يوم القيامة عند العصيان ترك الاستنابة والحج، كما يكون المعاقب عليه في الخصال هو تركها بأجمعها؛ للاكتفاء بواحد في الترك بالجميع؛ قضاء لحق التخيير.
بل المجعول هو وجوب الحج على المستطيع فقط، من دون عدل أصلا حتى يكون بينهما التخيير، ومن دون توقف له على عدم فعل الغير تبرعا حتى يكون مشروطا بعدمه. بل هو واجب عيني تعييني مطلق، لا مشروط ولا مخير عقلا ولا شرعا.
إذ فعل النائب وكذا المتبرع ليس لأجل توجه الخطاب إلى الاستنابة؛ معادلا