مع أنه صرح في مبحث النواهي - من حاشيته على تقريره لدرس شيخه - بالفرق بينهما، وأن المتعلق في الأول الفعل، ومعنى النهي عنه هو الزجر عنه الناشئ من اشتماله على المفسدة، والراجع لتحريمه، ومتعلق الثاني الترك لاشتماله على المصلحة الداعية لطلبه، فيرجع إلى إيجابه.
ومن هنا لا يبعد كون مفاد النهي عنه اعتبار حرمان المكلف من متعلقه أو ما يشبه ذلك، والامر سهل.
ثانيهما: لما كان الفرق بين الحكم الإلزامي وغيره بزيادة حد في الإلزامي يستتبع المسؤولية بالإضافة للجهة التي يبتني الخطاب عليها، مع اشتراكهما في أصل المشروعية، والانتساب للمولى التي هي ملاك اقتضائية الحكم، كان الحكم الاقتضائي غير الإلزامي موجودا بذاته في ضمن الإلزامي، وإن لم يكن موجودا بحده.
وحينئذ فالمرتكزات العقلانية قاضية بأنه كما يكون للحاكم رفع الحكم الإلزامي بكلا حديه، فلا تبقى معه المشروعية، له رفعه بحده المميز له عن الحكم غير الإلزامي، برفع المسؤولية المقتضية للالزام مع بقاء المشروعية، ولازم ذلك أن يخلفه الحكم الاقتضائي غير الإلزامي، لتمامية حديه بذلك.
فرفع الالزام والحكم بالاستحباب - مثلا - لا يتوقف على رفع مشروعية الفعل المقارنة للالزام، ثم تشريعه مرة أخرى، وتشخيص الرفع وأنه بأي من النحوين تابع لما يستفيده الفقيه من دليله.
الامر الثالث: مما سبق يظهر أن الحكم غير الاقتضائي - وهو الإباحة التي هي أحد الحكام الخمسة - متقوم بعدم الجهة المقتضية لاحد الاحكام مطابق لمقتضى الأصل الأولي الذي يكفي فيه عدم الخطاب المبتني على