والظاهر توجه ذلك على ما سبق من بعض الأعاظم، كما يتوجه ما سبق عليه هنا في الجملة، لرجوع أحدهما للاخر. فلاحظ.
وأما على الخامس - الذي عرفت منا تقريبه - فالحكم غير الإلزامي وإن كان الخطاب به مبنيا على ملاحظة الجهة المقتضية للموافقة بين الحاكم والمخاطب، إلا أنه يفترق عنه في عدم ابتنائه على جعل المسؤولية بلحاظ تلك الجهة، بحيث تكون المخالة خرقا لها وخروجا عليها، بل على محض جعل مقتضى الخطاب على حساب الحاكم منتسبا إليه، بحيث يكون الاتيان به لأجله وعلى حسابه من حيثية واجديته لتلك الجهة المقتضية للمتابعة.
وبعبارة أخرى: الخطاب ممن ينبغي متابعته مبتنيا على ملاحظة الجهة المقتضية للمتابعة هو المصحح لانتزاع الحكم وإضافته إليه، بنحو يقتضي نسبة متعلقة له وصيرورته في حسابه حتى يكون الاتيان به لأجله إطاعة له وقياما بمقتضى تلك الجهة الملحوظة، كالعبودية للمولى الأعظم، والسلطنة من الموالي العرفيين، والحق المتبادل بين المتناظرين.
وهذا ما تشترك فيه الاحكام المولوية الاقتضائية وبه تمتاز عن الأوامر والنواهي الارشادية، فإنها لا تبتني علي ملاحظة الجهة المذكورة، بل على نحو الارشاد لواقع لا دخل للامر والناهي به، ولا ينتسب إليه، ولا يكون منشأ لانتزاع الحكم منه، ولا يصح متابعتها لأجله.
نعم، الحكم المولوي تارة: يتمحض في ذلك، فلا يكون إلزاميا، بل يستلزم الترخيص في الترك مع التفات الحاكم.
وأخرى: يبتني مع ذلك على جعل المسؤولية بالإضافة لتلك الجهة، بحيث تكون مخالفته خرقا لها وخروجا عن مقتضاها، فيكون إلزاميا، ويلزمه