والقول: بأن المنافع معدومة، لا يعقل وقوعها تحت اليد، لأن الإضافة بين الموجود والمعدوم غير معقولة، فالاستيلاء نحو إضافة بين المستولي والمستولى عليه، والإضافة الفعلية لابد فيها من مضاف ومضاف إليه فعليين، فلا تتحقق بين المعدومين، ولا بين موجود ومعدوم (1).
مما لا يصغى إليه في الأمور الاعتبارية والإضافات الحكمية، فالميزان فيها هو الاعتبار العقلائي، وليست تلك الأمور من الإضافات المقولية، حتى يأتي فيها ما ذكر، بل هي من الاعتبارات العقلائية، ولا شك في أن مليكة المنافع قبل تحققها مما يعتبرها العقلاء باعتبار تحقق منشئها، وكونها في أهبة الوجود، فكما أن الملكية معتبرة عند العقلاء في المنافع، فكذلك الاستيلاء عليها عقلائي، لكنه يتبع الاستيلاء على العين.
ويمكن أن يقال: إن الاستيلاء على العين، لكن كما أن مقتضى اليد ملكيتها، كذلك مقتضاها ملكية منافعها، فتكون كاشفة عن ملكية العين والمنافع في عرض واحد، فإذا علم من الخارج أن العين ملك لغير ذي اليد، وشك في أن منافعها له أو لذي اليد، يحكم بأنها لذي اليد.
نعم: إذا كان النزاع بين ذي اليد وصاحب العين في المنافع يكون ميزان القضاء - بحسب طرح النزاع - مختلفا، فإذا ادعى ذو اليد أن المنافع له: لأجل الاستيجار من صاحب العين يكون مدعيا، وصاحب العين منكرا، ولو ادعى المنافع من غير استناد إليه يكون القول قوله بيمينه.
ويمكن أن يقال: إن اليد كاشفة عن مليكة العين، وملكية المنافع إنما هي بتبع ملكية العين، لا لكشف اليد عنها عرضا أو طولا إلا بذلك المعنى، ولكن الأقوى مع ذلك هو الوجه الأول بحسب الارتكازات العرفية، والاعتبارات العقلائية.