الواقعية (1)، لكنه فاسد يتضح فساده بعد بيان فقه الحديث.
فنقول: إن قوله: (يجوز لي أن أشهد أنه له؟) مراده أنه تجوز لي الشهادة بالنسبة إليه كما تجوز لي في سائر الأمور؟ أي كما أني أشهد أن الشمس طالعة، والفجر طالع، وزيد، عالم، وعمرا شجاع، إلى غير ذلك مما تتعلق به الشهادة، هل يجوز لي أن أشهد بذلك أيضا؟
وبالجملة: تجوز لي الشهادة بذلك كالشهادة بسائر الموضوعات؟
ولا شك أن الشهادة فيها إنما تتعلق بالواقع، فالسؤال إنما هو عن جواز الشهادة بالملكية الواقعية بمحض كون الشئ في يدي رجل، فأجاب عليه السلام بقوله: (نعم) فقال الرجل: إن ما أشهد به إنما هو كونه في يده، لا أنه ملكه، فكيف تجوز لي الشهادة بالملكية الواقعية له مع الشك فيه، فأرجعه إلى ارتكازه بطريق النقض، وأنه كما يجوز الشراء منه والحلف على الملكية بعد الشراء مع أن ملكيته إنما جاءت من قبله، ولا يجوز الحلف إلا مع الجزم بالملكية، كذلك تجوز الشهادة بكونه له، فاستدلاله عليه السلام لم يكن استدلالا بحكم شرعي، بل بارتكاز عرفي، وبناء عقلائي، كما هو واضح.
فحينئذ قوله: (لو لم يجز هذا) معناه أنه لو منع الشارع من هذا الأمر الذي مدار سوق المسلمين عليه يختل النظام، لا أن تجويز الشارع ذلك إنما هو لقيام السوق، حتى تتوهم منه الأصلية (2)، فدلالتها حينئذ على الأمارية لا تقصر عن غيرها بعد التأمل فيما ذكرنا.
ثم الظاهر من الرواية أنه لو لم تجز الشهادة لم يقم للمسلمين سوق، فربما يستشكل عليها: بأن عدم جواز الشهادة لا يوجب الاختلال، كما لا يخفى.
وجوابه: أن ترك الشهادة أو عدم جوازها - لأجل احتمال كونه لغيره - لازمه