أم لا. وقد تقدم الكلام من هذه الناحية بشكل واضح في بحث الضد (1) فلا نعيد.
وعليه، فما أفاده (قدس سره) من الضابط للتعارض بين الدليلين - وهو: كون مورد الاجتماع بينهما مشتملا على مناط أحدهما - لا أصل له، بل صدوره من مثله (قدس سره) غريب جدا.
ومن ناحية أخرى: أنا قد ذكرنا هناك: أن التزاحم على نوعين:
الأول: التزاحم بين الملاكات بعضها ببعض.
الثاني: التزاحم بين الأحكام كذلك.
أما النوع الأول فقد ذكرنا سابقا: أنه خارج عن محل الكلام، فإن محل الكلام إنما هو في النوع الثاني، ولذا قلنا: إن الترجيح فيه بيد المولى، فله أن يلاحظ الجهات الواقعية ويرجح بعضها على بعضها الآخر، وليس ذلك من وظيفة العبد، فإن وظيفته امتثال الأحكام المجعولة من قبل المولى، على أنه ليس للعبد طريق إلى معرفة تلك الجهات ليرجح بعضها على بعضها الآخر مع قطع النظر عن الأحكام المجعولة على طبقها.
وبعد ذلك نقول: إنه (قدس سره) إن أراد من التزاحم بين المقتضيين ذلك فقد عرفت:
أن هذا النوع من التزاحم خارج عن محل الكلام، وأن الترجيح فيه بيد المولى دون العبد، ولذا لا يرجع فيه إلى مرجحات النوع الثاني من التزاحم. وإن أراد منه التزاحم بين الدليلين في مرتبة الاقتضاء فقد تقدم: أن التزاحم هو تنافي الحكمين في مرتبة الفعلية الناشئ من عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في مقام الامتثال من دون أي تناف بينهما في مقام الإنشاء والجعل كما مر بشكل واضح. وعليه، فلا يرجع قوله (قدس سره): " بل كان من باب التزاحم بين المقتضيين " إلى معنى محصل أصلا.
وأضف إلى ذلك ما ذكرناه هناك: من أن مسألة التزاحم أيضا لا تبتنى على وجهة نظر مذهب دون آخر، بل تعم جميع المذاهب والآراء، حتى مذهب