ومن جانب رابع: أنه لا شبهة في أنه لا يمكن أن يراد من ذلك: الفرض الثاني، وهو ترك فرد ما منها، لأنه حاصل، وطلبه تحصيل للحاصل، فلا يمكن أن يصدر من الحكيم. وكذا لا يمكن أن يراد منه: الفرض الثالث، وهو ترك حصة خاصة منها، لأن إرادته تحتاج إلى قرينة تدل عليها، والمفروض أنه لا قرينة هنا. فإذا يدور الأمر بين أن يراد منه الفرض الأول - وهو: أن يكون المطلوب ترك جميع أفرادها العرضية والطولية - وأن يراد منه الفرض الرابع، وهو: أن يكون المطلوب صرف تركها المتحقق بتركها آنا ما.
ومن الواضح جدا أن إرادة الفرض الرابع خلاف المتفاهم العرفي المرتكز في أذهانهم، ضرورة أن المتفاهم العرفي من مثل قوله (عليه السلام): " لا تصل في شئ منه ولا في شسع " (1) هو تركه في جميع آنات الاشتغال بها، ولا يختلج في بالهم أن يكون المراد منه تركه حال الاشتغال بالصلاة آنا ما، ولا يلزم تركها في تمام آنات الاشتغال بها. ومن المعلوم أن إرادة مثل هذا المعنى البعيد عن أذهان العرف تحتاج إلى نصب قرينة تدل عليه، وإلا فلا يمكن إرادته من الإطلاق الثابت بمقدمات الحكمة.
فالنتيجة على ضوء هذه الجوانب الأربعة: هي أن نتيجة مقدمات الحكمة - وهي الإطلاق - يختلف مقتضاها باختلاف موارد الأمر، ففي موارد تعلقه بالفعل كان مقتضاها الإطلاق البدلي وصرف الوجود من جهة القرينة الخارجية، وهي:
فهم العرف من إطلاقه ذلك بعد ضميمة عدم إمكان إرادة إيجاد الطبيعة بجميع أفرادها العرضية والطولية في الخارج. وفي موارد تعلقه بالترك كان مقتضاها الإطلاق الشمولي ومطلق الترك من جهة الفهم العرفي والقرينة الخارجية.
وعلى الجملة: فقد عرفت أن نتيجة مقدمات الحكمة هي: ثبوت الإطلاق فحسب، وأن مراد المولى مطلق من ناحية تبعية مقام الإثبات لمقام الثبوت، ولكن المتفاهم العرفي من هذا الإطلاق في موارد تعلق الأمر بالفعل هو الإطلاق البدلي