أجود التقريرات - تقرير بحث النائيني ، للسيد الخوئي - ج ٢ - الصفحة ٥١٨
فالاشكال المذكور إنما نشأ من تخيل ان القبح في المقام نظير القبح الثابت للظلم الغير الممكن تخلفه عنه مع أنه من الضروري ان الامر ليس كذلك بل هو تابع لتحقق ملاكه فإذا اقتضت الحكمة تأخير البيان لمصلحة أقوى فلا مناص عن التأخير حفظا لتلك المصلحة (السابع) إذا كان التعارض بين أكثر من دليلين فقد يكون تقدم بعضها على الآخر موجبا لانقلاب النسبة (وتوضيح ذلك) انك قد عرفت في الأمر الخامس ان الظهور التصوري الناشئ عن الوضع لا ينقلب عما هو عليه بوجود قرينة صارفة عن ارادته سواء كانت متصلة أو منفصلة ولكن مثل هذا الظهور لا يكون موضوعا للحجية في نظر العقلاء كما أن الظهور التصديقي بالمعنى الأول أعني به ظهور الكلام فيما قاله المتكلم المتوقف على عدم القرينة في الكلام لا يكون له حجية في نظرهم إلا مع عدم القرينة المنفصلة حتى يتحقق الظهور والكاشفية عن مراد المتكلم واقعا ولذا بنينا على عدم حجية العموم والاطلاق قبل الفحص عن المخصص والمقيد (وبالجملة) ما لم يكن الكلام كاشفا نوعيا عن مراد المتكلم بلحاظ القرائن الخارجية والداخلية لا يكون له حجية في مقام الإطاعة والعصيان (ثم إن التعارض) لا بد وان يلاحظ بين كل واحد من الدليلين أو الأدلة بما له من الكاشفية عن المراد ضرورة ان ما ليس له الحجية في حد ذاته كيف يمكن ان يعارض به الدليل الآخر (فمن هنا) يظهر وجه انقلاب النسبة فيما إذا كان أحد الدليلين المتعارضين مقرونا بقرينة منفصلة موجبة لانقلاب ظهوره التصديقي الكاشف عن المراد النفس الامري عما هو عليه مع عدم القرينة (ولعمري) ان ما ذكرناه واضح بأدنى تأمل في موضوع الحجية وان المعارضة لابد وان تلاحظ بين الدليلين بما لهما من الظهور الموضوع لها (وليت شعري) كيف يعقل ملاحظ النسبة بين ما لا حجية له في نفسه مع قطع النظر عن المعارض حتى يكون الملاك هو ملاحظة النسبة بين الظهور الكلامي ولو لم يكن له كاشفية وحجية (إذا عرفت ذلك) فلا بأس بصرف عنان الكلام إلى صور تعارض أكثر من دليلين حتى يتضح ما ينقلب فيه النسبة عن غيره (فنقول) ان التعارض بين أكثر من دليلين يتحقق في (صور) (منها) ماذا ورد عام وخاصان (فقد تكون) النسبة بين الخاصين التباين (وقد تكون) عموما من وجه (وقد تكون) عموما وخصوصا مطلقا أما في فرض التباين كما إذا ورد أكرم العلماء ثم ورد لا تكرم البغداديين منهم وورد ولا تكرم البصريين منهم فلا ريب في تخصيص العام بكل منهما (ضرورة) ان نسبة كل من الخاصين إلى العام على حد سواء فلا وجه للتخصيص بأحدهما
(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 » »»