العقلائية - مثل الظواهر، وقول اللغوي، وخبر الثقة، واليد، وأصالة الصحة في فعل الغير - ترى أن العقلاء كافة يعملون بها من غير انتظار جعل وتنفيذ من الشارع، بل لا دليل على حجيتها بحيث يمكن الركون إليه إلا بناء العقلاء، وإنما الشارع عمل بها كأنه أحد العقلاء. وفي حجية خبر الثقة واليد بعض الروايات (1) التي يظهر منها بأتم ظهور أن العمل بهما باعتبار الأمارية العقلائية، وليس في أدلة الأمارات ما يظهر منه بأدنى ظهور جعل الحجية وتتميم الكشف، بل لا معنى له أصلا.
ومن ذلك علم أن قيام الأمارات مقام القطع بأقسامه مما لا معنى له: أما في القطع الموضوعي فواضح، فإن الجعل الشرعي قد عرفت حاله وأنه لا واقع له، بل لا معنى له.
وأما بناء العقلاء بالعمل بالأمارات فليس وجهه تنزيل المؤدى منزلة الواقع، ولا تنزيل الظن منزلة القطع، ولا إعطاء جهة الكاشفية والطريقية أو تتميم الكشف لها، بل لهم طرق معتبرة يعملون بها في معاملاتهم وسياساتهم، من غير تنزيل واحد منها مقام الآخر، ولا التفات إلى تلك المعاني الاختراعية والتخيلية، كما يظهر لمن يرى طريقة العقلاء ويتأمل فيها أدنى تأمل.
ومن ذلك يعلم حال القطع الطريقي، فإن عمل العقلاء بالطرق المتداولة