حكم هو لزوم نقض اليقين باليقين، أو الشك باليقين، مع أنه غير معقول جدا، لأن جعل لزوم نقض اليقين باليقين في قوة جعل الحجية لليقين، مع أن ناقضية اليقين الفعلي لكل شئ قبله - من اليقين والشك - أمر تكويني قهري لا ينالها يد جعل إثباتا أو نفيا.
والتحقيق: أن قوله: (ولكن ينقضه...) أتى لبيان حد الحكم السابق، لا لتأسيس حكم آخر، فكأنه قال: لا تنقض اليقين بالشك إلى زمان حصول يقين آخر ناقض له تكوينا.
وثانيا: أن الظاهر من قوله: (ولكن تنقضه بيقين آخر) أن ما هو متعلق الشك عين ما هو متعلق اليقين، أي المتيقن السابق الذي صار مشكوكا فيه إذا صار متيقنا ثانيا يجب نقضه، ولا شك في أنه لا يكون المشكوك في أطراف العلم عين المتيقن، فإن اليقين إنما تعلق بأحدهما مرددا، والشك تعلق بكل واحد معينا.
وثالثا: لو سلمنا تناقض الصدر والذيل وشمول الدليل لأطراف العلم، فلا يمكن الافتراق بين الاستصحابات الفعلية وغيرها أصلا، لأن قضية (لا تنقض اليقين بالشك)، وكذلك (تنقضه بيقين آخر) من قبيل القضايا الحقيقية الشاملة للأفراد الفعلية والمقدرة، أي كلما وجد في الخارج يقين سابق وشك لاحق لا يجوز نقضه به، ولا شك في لزوم التناقض بين هذا وبين قوله: (ولكن تنقضه بيقين آخر)، ضرورة لزوم التناقض بين قوله: لا تنقض اليقين بالشك إذا وجدا في هذا الطرف، ولا