ذلك التعهد الذي عرفت أنه حقيقة الوضع، لأن شموله لجميع الاستعمالات بالعموم، فيمكن تخصيصه ببعض دون بعض، ويتعهد في بعض استعمالاته للفظ بغير تعهده الأول مثلا تعهده بأنه لا ينطق بلفظ العين إلا إذا أراد إفهام الجارحة (1) يعم جميع استعمالاته له ويشملها بالعموم، فيخصص بالوضع الثاني بغير ما إذا أراد إفهام الذهب، فمرجع الوضعين إلى أنه لا يتكلم بهذا اللفظ إلا إذا أراد أحد المعنيين، وبحكم الوضع يعرف نفي غيرهما من المعاني، ويبقى تعيين أحدهما في عهدة القرينة، ولهذا تسمى القرينة فيه معينة.
وإذا عرفت حقيقة الحال في المشترك لا يصعب عليك البيان في المترادف الذي هو عكسه.
ومن منع وقوعهما لزعمه أنهما منافيان لحكمة الوضع فقد أخطأ المرمي ولم يصب المحز، إذ كثيرا ما تقتضيهما الحكمة وتدعو إليهما قواعد الفصاحة ونكات الصناعة.
ومع ذلك كله فلا يذهب عليك أنهما قليلان جدا بحسب أصل اللغة، فكثير من الألفاظ التي ترى أنها مترادفة في بادئ النظر موضوعة لمعان متقاربة، والتي يدعى أنها مشتركة لفظا موضوعة لمعنى واحد فتكون مشتركة معنى، وما كان منهما على حقيقة الاشتراك والترادف فمنشؤهما تداخل اللغات وحدوث الأوضاع التعينية وكثرة الاستعمالات أو المسامحة فيها باستعمال اللفظ فيما يقارب معناه، وإلا فمن البعيد حدوثهما من واضع واحد، هذا.
وأما استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، فأكثر المتأخرين على المنع